عزوجل في كتابه (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) قال يعني أهل مكّة ليس عليهم متعة كلّ من كان أهله دون ثمانية وأربعين ميلا ذات عرق وعسفان كما يدور حول مكّة ، فهو ممّن يدخل في هذه الآية وكلّ من كان أهله وراء ذلك فعليه المتعة (١) وهي كما تدلّ على بيان الحاضر يدلّ على أنّ ذلك إشارة إلى التمتّع ، وعند بعض الأصحاب اثنا عشر ميلا (٢) واختاره في مجمع البيان ودليله غير واضح ، فانّا ما وجدنا عليه خبرا ضعيفا أيضا ، وذكر في المختلف له وجها بعيد جدّا.
(وَاتَّقُوا اللهَ) في المحافظة على حدود الله تعالى وأوامره ونواهيه سيّما في الحجّ حجّ التّمتع (وَاعْلَمُوا أَنَّ اللهَ شَدِيدُ الْعِقابِ) لمن خالف أوامره ونواهيه ولم يتّقه ، وإنّما أمر بالعلم لأنّ العالم بذلك يتّقيه ولا يخالفه لأنّ علمه يمنعه ويصدّه عن ذلك ، فانّ ذلك شأن العلم الحقيقيّ إذ العاقل إذا تحقّق ذلك لم يتعدّ ولم يخالف علمه.
الثانية (الْحَجُّ أَشْهُرٌ مَعْلُوماتٌ فَمَنْ فَرَضَ فِيهِنَّ الْحَجَّ فَلا رَفَثَ وَلا فُسُوقَ وَلا جِدالَ فِي الْحَجِّ وَما تَفْعَلُوا مِنْ خَيْرٍ يَعْلَمْهُ اللهُ وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوى وَاتَّقُونِ يا أُولِي الْأَلْبابِ) (٣).
__________________
(١) التهذيب ج ١ ص ٤٥٥ ، الاستبصار ج ٢ ص ١٥٧ ، تفسير العياشي ج ١ ص ٩٣.
(٢) استدلوا بلفظ الآية الشريفة ونصها حيث قال (ذلِكَ لِمَنْ لَمْ يَكُنْ أَهْلُهُ حاضِرِي الْمَسْجِدِ الْحَرامِ) وانما يصدق على أهله أنهم حاضرون المسجد الحرام إذا كان مسكنه وموطنه ما دون أربعة فراسخ وهو اثنا عشر ميلا ، ولهم أن يجيبوا عن الروايات الواردة في أن المراد من كان منزله دون ثمانية وأربعين ميلا ، اى من أربعة جوانب فيكون كل جانب اثنا عشر ميلا ولكن يبعده تمثيل ذلك في الأحاديث بما دون عسفان وذات عرق وهما على مرحلتين : ثماني وأربعين ميلا من مكة.
(٣) البقرة : ١٩٧.