إلى ربّهم لا إلى كافّة الناس ، أي وما تختارونه من سبيل الحقّ وتحبّونه هو الّذي يحبّه الله ويريده منكم ؛ إرادة طلبيّة ، فإنّه تعالى لا يرضى لعباده الكفر.
فالمراد بالمشيّة هنا الإرادة المحبوبيّة ضدّ الكراهة ؛ كما قال : (وَكَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَالْفُسُوقَ) ... (١) إلى آخره.
ولهذا أيضا نفسّر قوله : (إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرٌ لِلْعالَمِينَ * لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَسْتَقِيمَ * وَما تَشاؤُنَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللهُ رَبُّ الْعالَمِينَ) (٢) أي : وما تحبّونه من الاستقامة في الدين القيّم هو محبوب الحقّ تعالى الّذي أراده منكم ، ففي الآية إشارة إلى صحّة ما اعتقدته الإماميّة من أنّ الله تعالى مريد للطاعات ، ومحبّ لها ، وراض عن فاعلها ، ومكره للمعاصي ، ومبغض لها ، وهو ساخط على فاعلها.
والأشاعرة زعموا أنّه مريد لجميع الكائنات طاعة كانت أو معصية ، بل هو راض عن فاعل العصيان.
وعن بعضهم أنّه تعالى محبّ للفساد ، وراض بالكفر.
وعن بعض : أنّه مريد لما أراده الشياطين ، ومكره لما أراده الأنبياء والمرسلون.
وعن بعض : أنّه أراد ذمّ نفسه ، ومدح الشيطان.
وجوابهم بعد دلالة القرآن والأخبار نبويّة ووصويّة من العلويّة إلى العسكريّة على خلاف دعواهم والردّ عليهم : الإعراض عن المكالمة معهم ،
__________________
(١) الحجرات : ٧.
(٢) التكوير : ٢٧ ـ ٢٩.