الفكر معدّ لقبول المعنى الفائض بحسب الاستعداد ... إلى آخره.
وإنّي أنا لا أرى فرقا بينهما بوجه ، ولذلك نوّعنا التذكّر على ما نوّعوا به التفكّر ، فعليك بالتدبّر ، لتكون من الفائزين بلذّة معرفة الله.
السادسة : لا بأس بتفسير السبيل بمبادئ السلوك الّتي يبتني عليها قطع الأودية بنور القوّة القدسيّة ، وهي عشرة تسمّى عند الصوفيّة بالأصول.
الأوّل : القصد ، وهو إجماع الهمّ على الحركة نحو المطلوب.
الثاني : العزم ، وهو أوّل الشروع في الحركة ومبدؤه ، وهو أعلى من القصد.
الثالث : الإرادة ، وهي الإجابة لدواعي الحقيقة طوعا بحكم الفطرة ؛ كما قال : (أَجِيبُوا داعِيَ اللهِ) (١) وذلك لا يكون إلّا بجاذب نور الكشف ، وقبول صفاء الفطرة.
والمراد بالدواعي ما يسنح في سرّ العبد من الخواطر الحقّانيّة الباعثة على الطلب ، الجاذبة إلى الحقّ.
الرابع : الأدب ، وهو رعاية الحدود المحدودة في الشريعة مع الحقّ والخلق من غير الزيادة ، فيقع في الغلوّ ، ولا النقصان فيقع في الجفاء.
أمّا الغلوّ ؛ فكما فعلت النصارى في إكرامهم السيّد المسيح عليه السلام ، فإنّهم أفرطوا في إكرامه ؛ حتّى كفروا ، وكما فعلت النصيريّة في إطراء عليّ عليه السلام ، ويدخل فيه الإسرافات المذمومة في الوضوء والغسل والنيّة وسائر الأمور الشرعيّة.
__________________
(١) الأحقاف : ٣١.