والثاني : إنّها مقرّ العلوم الحقيقيّة قرارا لا يتبدّل ولا يتغيّر بحسب تغيّر المعلومات.
وقال : المبادئ العالية أنوار متعدّدة متكثّرة مترتّبة لها أظلال ، فإشراقها على النفوس إظلالها ، واستفاضة النفوس منها اقتطافها.
الرابع : في قوله «قدّروها» قراءتان :
الأولى : الفتح وهي المشهورة ، أي قدّروها في أنفسهم فجاءت مقاديرها وأشكالها كما تمنّوه ، أو قدّروها بأعمالهم الصالحة فجاءت على حسبها ، فالضمير عائد إلى الأبرار الموصوفين قبل.
وقيل : أي قدّروا الكأس على قدر ريّهم لا يزيد ولا ينقص من الريّ.
وقيل : قدّروها على قدر ملاء الكفّ ، أي كانت الأكواب على قدر ما اشتهوا ، فالضمير على القولين عائد إلى الطائفين الّذين يسقون ، فإنّهم يقدّرونها ثمّ يسقون.
وفيه إشارة إلى أنّ كلّا منهم ينال من الفضل والمقام بحسب استعداده وعمله في الدنيا ، بمعنى أنّهم ليسوا سواء في جميع المقامات ، بل مقاماتهم مختلفة ، ومراتبهم متفاوتة باختلاف إمكاناتهم ، وتفاوت استعدادتهم ، فلكلّ درجات ممّا عملوا والله عليم بما يعملون.
هذا معنى ما قيل من أنّ المراد أنّه حصل لكلّ منهم من المعارف والمشاهدات لتلك الصور البهيّة ، والمطالع العليّة حصّته بحسب ما انتهى إليه طرق إمكانه ، أي قدّر لهم الطائفون ذلك التقدير المختلف بحسب اختلاف إمكاناتهم.