والقطوف إشارة إلى اللذّات وتعقّل المعقولات ، وتذليلها إلى تقاربها بمفيضها.
ويمكن أن يقال : إنّ دنوّ الظلال لمّا كان من اللذّات البدنيّة الّتي توجد للمتّكئين بمثل تلك الجنان من الجنان الدنيويّة المحسوسة عبّر به عمّا يحصل لهؤلاء في الجنّة من إحاطة العناية الإلهيّة عليهم ، ودنوّ النعمة الربّانيّة بهم أن لا يصيبهم ألم أو يجري عليهم شيء من عذاب الناقصين.
وأمّا تذليل قطوفها فعبارة عن تعقّلاتهم لتلك المعقولات المجرّدة ، وافتياضهم من تلك الجواهر العقليّة بحسب إمكاناتهم ، وتذليل قطوفها تناولها بسرعة.
وفيه إشارة لطيفة إلى أنّ المبدأ الأوّل جلّ ذكره لا تتوقّف إفاضة وجوده على شيء من ذاته ، وإنّما هو بحسب استعدادات القوابل ، فهؤلاء لمّا كانوا على غاية من كمال استعداداتهم وقبولهم لكمالاتهم ، لا جرم كانت قطوفها على غاية سرعة الإفاضة ، وذلك معنى تذلّلها.
الثالث : الطواف والآنية معلوم ، والأكواب جمع الكوب وهو القدح الّذي لا عروة له ، والقوارير : الزجاجات ، وانصرافه بالتنوين في بعض القراءات ، إنّما هو لرعاية السجع.
وقوارير الثانية بدل من الأولى ، والفائدة معلومة أي يطاف على هؤلاء الكمّل بآنية أصلها فضّة وأقداح أصلها القوارير الّتي مثل الفضّة في الصفاء والبياض بحيث يقال إنّها منها لشدّة ملابستها لها.
وبذلك يجاب عمّا استشكل بأنّه كيف تكون القوارير من فضّة وأمّا