الدنيويّة الفانية ، واللذّات الأخرويّة الباقية ؛ كما لا يخفى على المتأمّل.
الثاني : القراءة المشهورة في «ودانية عليهم» النصب ، وله وجوه ذكروها في كتب التفسير ؛ منها : أن يكون عطفا على «متّكئين» فيكون حالا بعد الحال بواسطة الحرف ، أي في حال اتّكائهم على الأسرّة وقرب أفياء الجنّة منهم.
ومنها : أن يكون صفة الجنّة المذكورة ، أي : وجزاهم جنّة دانية. ذكره بعض ، ولكنّه أخطأ لعدم جواز الفصل بين الصفة والموصوف بالواو ، ولا محلّ لزيادتها هنا ؛ كما لا يخفى فليتأمّل.
ومنها : أن يكون صفة لموصوف محذوف ، فالنصب على المفعوليّة ، أي : وجزاهم بما صبروا جنّة وحريرا وجنّة أخرى دانية عليهم ، وذلك إنّهم وعدوا جنّتين لخوفهم من مقام ربّهم على ما سبق كما قال : (وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ) (١) ومن قرأ بالرفع فقد جعله خبرا مقدّما والمبتدأ قوله ظلالها ، والجملة في محلّ النصب على الحالية.
ثمّ المراد بدنوّ الظلال هو قرب أفياء أشجار الجنّة.
وقيل : المراد إنّ ظلال الجنّة لا تنسخها الشمس كما تنسخ ظلال الدنيا ، والاستشكال بأنّ الظلّ لا يكون إلّا حيث يكون الشمس مجاب عنه تارة بأنّ المراد لو كان هناك شمس لوقع ظلّ فتأمّل.
وتارة بأنّ الظلّ لا يلزم أن يكون بالشمس ، بل الضوء كاف في إيقاع الظلّ كما لا يخفى.
__________________
(١) الرحمن : ٤٦.