الله إلى رسول الله ، ثمّ إلى خلق الله ، ولا ريب فيه أصلا ولكن أقسم بعزّة الله صادقا بأنّ الأمر في كيفيّات ذلك ليس كما ذكره الظاهريّون القشريّون من العلماء ، واعتقده الأدنون من أنّ أهل الجنّة كلّهم يلتذّون بالمطاعم الجسميّة كما يلتذّ البهائم ، بل لذلك كيفيّة لم يعرفها إلّا من فاز بها.
فكذب من ادّعى عرفان تلك الكيفيّات قبل أن يدركها حقّ الدرك ، فإنّه خاصّ بالأنبياء والأولياء والأصفياء المنقطعين عن تلك الحواسّ الظاهرة الحيوانيّة انقطاعا كلّيّا ، فهيهات هيهات كيف يدركها المشتغل باللذّات الحسّيّة ، والمتوجّه إلى الشؤونات الغيريّة.
ومن ذلك يكشف معنى ما روي من أنّ الحسين عليه السلام قد أرى أصحابه مقاماتهم ودرجاتهم في الجنّة في أرض كربلا ، فإنّ ذلك لقد كان عند انقطاعهم عن هذه الحياة الدنيا وشوقهم إلى الحياة الدائمة السرمديّة.
وبالجملة : لا يمكن الفوز بحقيقة تلك الكيفيّات لمن لم يذق من رحيق العرفان ، والانقطاع عن كلّ ما في الإمكان ، فإنّي إلى هذه الغاية في رتبة التوحيد ، والانقطاع بمقام التجريد ، لم يظهر لي حقيقة تلك الكيفيّات حقّ الظهور ، فكيف لمن لم يكن له حظّ من مقام العرفان أصلا.
فيا أيّها المتعرّف الجاهل صه عن البحث في هذه الكيفيّات ، فإنّه لا ينبغي إلّا لمن خلص دينه ، وأتقن يقينه ، فالحمد لله حقّ حمده ، والصلاة على مظهر مجده.
السابعة : لقد ظهر ممّا سطرناه أنّ الله تعالى لقد عبّر عن الدرجات الروحانيّة ، والمقامات العرفانيّة الّتي يفوز بها العارفون والواصلون كلّ