الاستطاعة في آناء الليل وأطراف النهار في إكمال جوهر النفس وإصفائه ،
ليصير مستعدّا لقبول الشؤونات القدسيّة من العلم واليقين والحكمة.
فلا يمضي عليه
زمان إلّا ويصرفه في أمر الحقّ ، ولا يطرأ عليه حالة إلّا ويزيّنها بزينة الذكر ،
وحلية الترقّي والكمال ؛ كما قال صلّى الله عليه وآله : إنّ أولياء الله سكتوا
فكان سكوتهم ذكرا ، ونظروا فكان نظرهم عبرة ، ونطقوا فكان نطقهم حكمة ، ومشوا فكان
مشيهم بين الناس بركة ؛ لو لا الآجال الّتي قد كتبت عليهم لم تقرّ أرواحهم في
أجسادهم خوفا من العذاب ، وشوقا إلى الثواب . انتهى.
أي خوفا من
التألّم بنار الفراق ، وشوقا إلى جنّة الوصال.
الخامسة
: لا بأس بتفسير
«الأبرار» في الآية بالأصفياء الّذين صفوا عن جميع الشؤونات العرضيّة من أمّة
محمّد صلّى الله عليه وآله واشتاق صلّى الله عليه وآله إلى رؤيتهم وملاقاتهم ؛ كما
روي في كتاب «التحصين» لأحمد بن فهد أنّه قال رسول الله صلّى الله عليه وآله يوما
لأصحابه : أتدرون ما غمّي ، وفي أيّ شيء اشتياقي؟ فقال أصحابه صلّى الله عليه وآله
: لا يا رسول الله ، ما علمنا هذه من أيّ شيء ، أخبرنا بغمّك وتفكّرك وتشوّقك؟ قال
النبيّ صلّى الله عليه وآله : أخبركم إن شاء الله.
ثمّ تنفّس
الصعداء وقال : هاه شوقا إلى إخواني من بعدي.
فقال أبو ذرّ :
يا رسول الله ، أو لسنا إخوانك؟ قال : لا ، أنتم أصحابي ، وإخواني يجيئون من بعدي
، شأنهم شأن الأنبياء ، قوم يفرّون من الآباء
__________________