جاء إلى الحسين عليهالسلام (وهو في مكة) ثلّة من وجوه الشيعة الكوفيين ؛ برير الهمداني ، وعابس بن حبيب الشاكري الهمداني (١) ، وشوذب مولى عابس (٢) ، وحجّاج بن مسروق الجعفي ، ويزيد بن مغفل المذحجي الجعفي (٣) ، والصحابي أنس بن الحارث وغيرهم ، أنهى عددهم الذهبي إلى ستين شيخاً (٤) ، وبقوا مع الحسين عليهالسلام حماية له إضافة إلى بني هاشم.
أرسل الحسين ابن عمّه مسلم بن عقيل عليهمالسلام إلى الكوفة يتحرّك لتهيئة الأجواء ، وأمره أن ينزل على هانئ بن عروة شيخ مذحج ، أهم وأقوى شخصية اجتماعية وسياسية في الكوفة (٥) ، وكتب مسلم للحسين عليهالسلام يخبره أنّ الأجواء مهيّأة لقدومه.
__________________
(١) من أصحاب علي عليهالسلام ، واشترك في حروبه ، وكان من وجوه الشيعة. التحق بالحسين عليهالسلام في مكّة ، ثمّ قدم معه. كان من أشجع الناس.
(٢) اشترك مع علي عليهالسلام في حروبه ، وكان من وجوه الشيعة ، وأخذ عنه أهل الكوفة العلم والحديث. صحب مولاه عابساً إلى مكّة بعد قدوم مسلم ، وجاء معه من مكّة إلى كربلاء.
(٣) كان قد أدرك النبي صلىاللهعليهوآله ، وشهد القادسية في عهد عمر ، وكان أحد الشجعان من الشيعة ، والشعراء المجيدين ، وكان من أصحاب علي عليهالسلام. حارب معه في صفين ، وبعثه في حرب الخريت ، وكان مع الحسين عليهالسلام في مجيئه من مكّة.
(٤) قال الذهبي ٣ / ٣٠٥ : فسار (الحسين) في آله ، وفي ستين شيخاً من أهل الكوفة في عشر ذي الحجّة.
(٥) قال ابن حجر في الإصابة : هانئ بن عروة بن الفضفاض بن نمران بن عمرو بن قماس بن عبد يغوث المرادي ، ثمّ الغطيفي. مخضرم ، سكن الكوفة ، وكان من خواصّ علي عليهالسلام. ولمّا بايع أهل الكوفة مسلم بن عقيل بن أبي طالب للحسين بن علي نزل على هانئ المذكور. فلمّا قدم عبيد الله بن زياد قتل مسلم بن عقيل ، وقتل هانئ بن عروة وهو ابن بضع وتسعين سنة ، فيكون أدرك من الحياة النبوية فوق الأربعين. وتحت عنوان عروة بن الفضفاض قال : وكان ابنه هانئ بن عروة من رؤساء أهل الكوفة ، وهو الذي نزل مسلم بن عقيل بن أبي طالب عنده لمّا أرسله الحسين بن علي لأخذ البيعة على أهل الكوفة ، فقبض عبد الله بن زياد عليهما فقتلهما وفي ذلك يقول الشاعر : فإن كنتِ لا تدرين ما الموت فانظري إلى هانئٍ في السوق وابنِ عقيلِ وكان من معالم قوته الاحتماعية أنّه قال لابن زياد لمّا انكشف أمره : قد أمنتك على نفسك ومالك (الإمامة والسياسة ٢ / ٥ ، العقد الفريد ٤ / ٣٧٧). وفي رواية قال له هانئ : يابن أخي ، إنّه قد جاء حقّ هو أحق من حقّك وحقّ أهل بيتك (طبقات ابن سعد المفقود ١ / ٤٦٠) ، فضرب ابن زياد وجهه بعصاً بيده ، ثمّ قدّمه فضرب عنقه.