ولعمري ، ما وفيت بشرط ، ولقد نقضت عهدك بقتلك هؤلاء النفر الذين قتلتهم بعد الصلح والأيمان والعهود والمواثيق ، فقتلتهم من غير أن يكونوا قاتلوك ونقضوا عهدك ، ولم تفعل ذلك بهم إلاّ لذكرهم فضلنا وتعظيمهم حقّنا.
فابشر يا معاوية بالقصاص ، وأيقن بالحساب ...
وليس الله بناس لأخذك بالظنّة ، وقتلك أولياءه على التهم ، ونفيك إيّاهم من دورهم إلى دار الغربة» (١).
قال سليم بن قيس : لمّا كان قبل موت معاوية بسنة حجّ الحسين بن علي عليهماالسلام ، وعبد اللّه بن عباس ، وعبد اللّه بن جعفر ، فجمع الحسين بني هاشم ، ثمّ رجالهم ونساءهم ومواليهم ، ومَنْ حجّ من الأنصار ممّن يعرفه الحسين عليهالسلام وأهل بيته ، ثمّ أرسل رسلاً : «لا تدعون أحداً حجّ العام من أصحاب رسول اللّه صلىاللهعليهوآله المعروفين بالصلاح والنسك إلاّ اجمعوهم لي». فاجتمع إليه بمنى أكثر من سبعمئة رجل وهم في سرادقه ، عامتهم من التابعين ، ونحو من مئتي رجل من أصحاب النبي صلىاللهعليهوآله ، فقام فيهم خطيباً وقال : «أمّا بعد ، فإنّ هذا الطاغية قد فعل ما قد رأيتم وعلمتم وشهدتم ، اسمعوا مقالتي واكتبوا قولي ، ثمّ ارجعوا إلى أمصاركم وقبائلكم ؛ فمَنْ أمنتم من الناس ووثقتم به فادعوهم إلى ما تعلمون من حقّنا ؛ فإنّي أتخوّف أن يُدْرَسَ (٢) هذا الأمر ، ويذهب الحقّ ويُغلب ، واللّه متمّ نوره ولو كره الكافرون».
وما ترك شيئاً ممّا أنزله الله فيهم من القرآن إلاّ تلاه وفسّره ، ولا شيئاً ممّا قال رسول الله صلىاللهعليهوآله في أبيه وأخيه وأمّه وفي نفسه وأهل بيته إلاّ رواه ... ، وكلّ ذلك يقول أصحابه ، اللّهمّ نعم ، وقد سمعنا وشهدنا ، ويقول التابعي : اللّهمّ قد حدّثني به مَنْ أثق به ، وأئتمنه من الصحابة.
__________________
(١) رجال الكشي ترجمة عمرو بن الحمق ، طبقات ابن سعد ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام ، أنساب الأشراف ترجمة معاوية ، مختصر تاريخ دمشق ترجمة الإمام الحسين عليهالسلام.
(٢) دروس الشيء : انمحاؤه.