تُعدُّ كتب أبي مخنف لوط بن يحي الأزدي (ت ما قبل ١٧٠هجرية) في مقتل الحسين عليهالسلام ، وحركة التوابين ، وحركة المختار من أقدم وأشهر المصادر في موضوعه ، وقد تبنّى روايتها محمّد بن سعد في الطبقات الكبرى ، والطبري في التاريخ ، وابن أعثم في الفتوح ، والبلاذري في أنساب الأشراف ، وروى المسعودي طُرفاً منها في مروج الذهب ، ثمّ أخذ ابن الأثير في كتابه الكامل ، وابن كثير ، وابن خلدون ، والذهبي برواية الطبري ؛ لأنّه أوردها كاملة ، وعن هؤلاء أخذ المعنيون بالتاريخ الإسلامي من القدامى والمعاصرين ؛ شيعة كانوا أو سنّة.
لم يكن أبو مخنف من القائلين بالنصّ على علي عليهالسلام ، فهو ليس شيعياً بالمعنى الخاصّ للتشيع. قال ابن أبي الحديد : وأبو مخنف من المحدّثين ، وممّن يرى صحة الإمامة بالاختيار ، وليس من الشيعة ولا معدوداً من رجالها (١).
وأكَّد ذلك الشيخ المفيد في كتابه عن حرب الجمل ، وقد أورد أخبار حرب الجمل عن أبي مخنف والواقدي وغيرهما ، قال بعدها : فهذه جملة من أخبار البصرة ، وسبب فتنتها ، ومقالات أصحاب الآراء في حكم الفتنة بها ، قد أوردناها على سبيل الاختصار ، وأثبتنا ما أثبتنا من الأخبار عن رجال العامّة دون الخاصّة ، ولم نثبت في ذلك ما روته كتب الشيعة (٢).
هذا وقد عاصر أبو مخنف أربعة من الأئمّة ؛ وهم السجاد والباقر والصادق
__________________
جرى بين الصحابي البر أبي ذر والخليفة الداهية معاوية : ... ذكروا اُموراً كثيرة كرهت ذكر أكثرها ، أمّا العاذرون معاوية فقد ذكروا قصة رواها .... وقال في ذكر ما جرى بين معاوية ومحمد بن أبي بكر ... : لا تتحمّل سماعها العامّة. أقول : فصّلنا الحديث عن منهج الطبري في كتابنا المدخل إلى دراسة مصادر السيرة والتاريخ.
(١) شرح نهج البلاغة ١ / ١٤٧.
(٢) الجمل / ٢٢٥.