ومن الطبيعي أن يأمر معاوية القصاصين في المساجد وخطباء الجمعة بالتركيز على أحاديث الجهاد والغزو ؛ لجعل الاشتراك بالغزو هو المقياس الأعلى للأعمال الصالحة.
روى البخاري ومسلم ، والدارمي والترمذي وغيرهم عن سعيد بن المسيب ، عن أبي هريرة أنّ رسول الله صلىاللهعليهوآله سُئل : أي العمل أفضل؟ فقال : «إيمان بالله ورسوله». قيل : ثمّ ماذا؟ قال : «الجهاد في سبيل الله». قيل : ثمّ ماذا؟ قال : «حجّ مبرور» (١).
وفي رواية اُخرى عن أبي هريرة أيضاً : قال سُئل رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيّ الأعمال أفضل؟ وأيّ الأعمال خير؟ قال : «إيمان بالله ورسوله». قال : ثم أيّ يا رسول الله؟ قال : «الجهاد في سبيل الله سنام العمل». قال : ثم أيّ يا رسول الله؟ قال : «حجّ مبرور» (٢).
وفي رواية اُخرى عنه أيضاً قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله فقال : يا رسول الله ، علمني عملاً يعدل الجهاد. قال : «لا أجده». قال : «هل تستطيع إذا خرج المجاهد أن تدخل مسجداً فتقوم لا تفتر ، وتصوم لا تفطر؟». قال : لا أستطيع. قال : قال أبو هريرة : إنّ فرس المجاهد يستن (٣) في طوله فيكتب له حسنات (٤).
__________________
(١) البخاري المختصر ١ / ١٨ ، صحيح مسلم ١ / ٨٨. وكذلك رواية عن هشام بن عروة ، عن أبيه ، عن أبي المراوح ، عن أبي ذر (الدارمي ٢ / ٣٩٧) ، بينما الرواية عن غيره تجعل الجهاد بعد الصلاة وبر الوالدين (انظر المجتبى من السنن للنسائي ١ / ٢٩٢). وفي مسند أحمد ٢ / ١٦٣ : حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا محمّد بن عبيد ، ثنا محمّد بن إسحاق ، عن يزيد بن أبي حبيب ، عن ناعم مولى اُمّ سلمة ، عن عبد الله بن عمرو قال : حججت معه حتّى إذا كنّا ببعض طرق مكة رأيته تيمم ، فنظر حتّى إذا استبانت جلس تحتها ، ثمّ قال : رأيت رسول الله صلىاللهعليهوآله تحت هذه الشجرة إذ أقبل رجل من هذا الشعب فسلّم على رسول الله صلىاللهعليهوآله ، ثمّ قال : يا رسول الله ، إنّي قد أردت الجهاد معك ابتغي بذلك وجه الله والدار الآخرة. قال : «هل من أبويك حيٌّ؟» قال : نعم يا رسول الله كلاهما. قال : «فارجع ابرر أبويك». قال : فولّى راجعاً من حيث جاء. وفي (٢ / ١٦٥) حدّثنا عبد الله ، حدّثني أبي ، ثنا يزيد ، أنا مسعر ، عن حبيب بن أبي ثابت ، عن أبي العباس ، عن عبد الله بن عمرو ، قال : جاء رجل إلى النبي صلىاللهعليهوآله يستأذنه في الجهاد ، فقال : «أحي والداك؟». قال : نعم. قال : «ففيهما فجاهد».
(٢) مسند أحمد ٢ / ٢٨٧.
(٣) استن الفرس : أي عدا في مرحه شوطاً أو شوطين ولا راكب عليه.
(٤) مسند أحمد ٢ / ٣٤٤.