رأس الدين ، سواء كانوا في موقع الحكم والسلطة فعلاً أم لم يكونوا ؛ لأنّهم المفتاح إلى معرفة دين الله تعالى ، وصار المطيع لهم وليّاً لله ، والعاصي لهم عاصيّاً لله تعالى.
حرَّف معاوية ومَنْ جاء بعده هذا المفهوم الإسلامي الصحيح حين جعلوا الحاكم بمجرد كونه حاكماً خليفة لله تعالى ، وطاعته رأس الدين (١).
روايات موضوعة لإسناد الاُطروحة الاُمويّة :
وقد أُسنِد هذا الطرح الاُموي بأحاديث وضُعت على لسان النبي صلىاللهعليهوآله ضمن الثورة الثقافية المضادة التي أرسى دعائمها معاوية ، وفيما يلي طرف من هذه الأحاديث :
روى مسلم في صحيحه عن حذيفة قال :
قال رسول اللّه صلىاللهعليهوآله : يكون بعدي أئمة لا يهتدون بهداي ، ولا يستنّون بسنّتي ، وسيقوم فيهم رجال قلوبهم قلوب الشياطين في جثمان إنس.
قال : قلت : كيف أصنع يا رسول اللّه إن أدركت ذلك؟
قال : تسمع وتطيع للأمير ، وإن ضرب ظهرك ، وأخذ مالك فاسمع وأطع (٢).
وفي رواية الطيالسي وأحمد بن حنبل أنّه صلىاللهعليهوآله قال : فإن رأيت يومئذ لله عزّ وجلّ في الأرض خليفة فألزمه وإن ضرب ظهرك وأخذ مالك (٣).
روى البخاري : قال حدّثنا عثمان بن صالح قال : أخبرنا عبد الله بن وهب قال : حدّثنا أبو هانئ الخولاني ، عن أبي علي الجنبي ، عن فضالة بن عبيد (٤) ، عن النبي صلىاللهعليهوآله قال :
__________________
(١) تماماً كما صنع السامري في بني إسرائيل ، وأشار إليه قوله تعالى : (فَقَبَضْتُ قَبْضَةً مِنْ أَثَرِ الرَّسُولِ فَنَبَذْتُهَا) طه ٩٦ ، أي حرفتها.
(٢) مختصر صحيح البخاري ٣ / ١٣١٩ ، صحيح مسلم ٣ / ١٤٧٦.
(٣) مسند أبي داود الطيالسي / ٥٩ ، مسند أحمد ٥ / ٤٠٣.
(٤) قال ابن حجر في الإصابة : فضالة بن عبيد الأنصاري الأوسي ، أبو محمّد ، أسلم قديماً ولم يشهد بدراً ، وشهد أحداً فما بعدها ، وشهد فتح مصر والشام قبلها ، ثمّ سكن الشام وولّى الغزو ، وولاّه معاوية قضاء دمشق بعد أبي الدرداء. وقال ابن حبان : مات في خلافة معاوية ، وكان معاوية ممّن حمل سريره ، وكان