والجواب أما عن ضعف سند الخبر بما ذكر من الوجوه المعدودة ، فبأنا قد أثبتنا في غير واحد من مؤلفاتنا (١) ضعف هذا الاصطلاح المتأخّر الذي بني عليه (٢) تضعيف الحديث بهذه الوجوه ونحوها ، وإنّما عملنا (٣) اصطلاح أصحابنا المتقدّمين ، كما عليه أيضا جلّ متأخّري المتأخرين ، مع أنه يمكن الجواب عن هذه الوجوه تفصيلا بما يوجب تصحيح الخبر باصطلاحهم أيضا ، كما لا يخفى على من خاض تيار الاستدلال ، وأعطى النظر حقه (٤) في هذا المجال.
على أن الخبر المذكور قد رواه الصدوق ـ عطر الله مرقده ـ في كتاب (علل الشرائع والأحكام) بسند صحيح صورته : محمد بن علي ماجيلويه عن محمد بن يحيى عن أحمد بن محمد عن أبيه عن ابن أبي عمير عن أبان بن عثمان عن حماد قال : (سمعت أبا عبد الله عليهالسلام) (٥) الحديث.
وحينئذ يندفع الإشكال المذكور بحذافيره.
وأما عن ضعف الدلالة ، فإن المعنى المستفاد من هذا اللفظ لغة وشرعا ، هو التحريم كما لا يخفى على من تتبع موارد اللفظ المذكورة في (الكتاب) والسنّة.
فالواجب هو الحمل على ذلك ، ووروده نادرا فيما ذكر من الخبر المنقول لا يعمل به مطرّدا في مقابلة ما ذكرنا ، فإن الحقائق اللغوية والشرعية كلها من هذا القبيل.
وبالجملة ، فاللفظ لا يعدل به عن حقيقته إلّا بدليل صريح ونصّ صحيح ، سيما مع انضمام لفظ (المشقة) في الخبر إلى ذلك ، المؤدّي إلى الإيذاء غالبا.
وقد رأيت بخط والدي قدسسره هذا الحديث بهذا السند الصحيح ، وفي ذيله مكتوب ـ بخطه طاب ثراه ـ ما صورته : (قد نقل هذا الحديث بهذا السند الفقيه النبيه ،
__________________
(١) انظر الحدائق الناضرة ١ : ١٤ ـ ٢٥ / المقدّمة الثانية.
(٢) في «ح» : عليها.
(٣) في «ح» : علمناه.
(٤) من «ح» ، وفي «ق» : حسه.
(٥) علل الشرائع ٢ : ٣١٥ / ب ٣٨٥ ، ح ٣٨.