جواز العمل على الظن في أحكامه تعالى ، وهم قد خصّوها بالاصول المطلوب القطع فيها. والمسألة من الاصول عندهم ، فكيف يسوغ البناء فيها على الظن؟! هذا مع أن وجود الظن هنا أيضا ممنوع ؛ لأن موضوع المسألة مقيد بالحالة الطارئة ، وموضوع المسألة الاولى مقيد بنقيض تلك الحالة ، فكيف يظن بقاء الحكم الأول؟
وثالثها : أنه لا يخفى على من تتبع الأخبار (١) ، وغاص في لجج تلك البحار أنه قد ورد من الشارع في بعض الصور حكم يوافق الاستصحاب بالمعنى الذي ذكروه (٢) وفي بعضها ما يخالفه ، وبذلك يعلم (٣) أن الاستصحاب ليس حكما كليا ، ولا قاعدة مطّردة تبنى عليها الأحكام الشرعية. ومن تأمل في أحاديث مسألة التيمّم إذا وجد الماء بعد الدخول في الصلاة التي هي المثال الدائر عندهم للاستصحاب ظهر له صحة ما قلناه ؛ فإن بعضها قد دل على أنه ينصرف من الصلاة ويتوضأ ما لم يركع ؛ وبعضها على أنه يمضي في صلاته مطلقا ركع أو لم يركع ، وبعضها على أنه ينصرف بعد أن صلّى ركعة ويتوضأ ويبني على ما مضى.
وجل الأخبار دالة على الانصراف ، ولكن بعضها : «ما لم يركع» (٤) ، (وبعضها ولو بعد تمام الركعة) (٥) ، ولم يرد بالمضي إلّا رواية محمد بن حمران (٦).
__________________
(١) وسائل الشيعة ٣ : ٣٨١ ـ ٣٨٣ ، أبواب التيمّم ، ب ٢١.
(٢) في «ح» : قد ذكره.
(٣) من «ح».
(٤) تهذيب الأحكام ١ : ٢٠٠ / ٥٨٠ ، وسائل الشيعة ٣ : ٣٨١ ، أبواب التيمّم ، ب ٢١ ، ح ١.
(٥) انظر وسائل الشيعة ٣ : ٣٨٣ ، أبواب التيمم ، ب ٢١ ، ح ٥ ، ٦.
(٦) تهذيب الأحكام ١ : ٢٠٣ / ٥٩٠ ، الاستبصار ١ : ١٦٦ / ٥٧٥ ، وسائل الشيعة ٣ : ٣٨٢ ، أبواب التيمّم ، ب ٢١ ، ح ٤ ، وكذا وردت بالمضي رواية زرارة ومحمّد بن مسلم.
انظر : الفقيه ١ : ٥٨ / ٢١٤ ، تهذيب الأحكام ١ : ٢٠٥ / ٥٩٥ ، الاستبصار ١ : ١٦٧ ـ ١٦٨ / ٥٨٠ ، وسائل الشيعة ٣ : ٣٨٢ ، أبواب التيمّم ، ب ٢١ ، ح ٤.