حتى ماتت (١) ، وفي أثنا المحاجة أذعن أبو بكر لقولها ، فكتب لها بفدك كتابا ، فلما رآه عمر مزق الكتاب (٢) وكان هذا هو السبب الأعظم في الاعتراض على الصحابة والتشنيع عليهم بإيذاء فاطمة ـ عليها السلام ـ مع روايتهم أن من آذاها فقد آذى رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ (٣) ، وفي الحقيقة ما كان لائقا من الصحابة أن يعطي رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ابنته مما أفاء الله عليه فينزعه أبو بكر وعمر منها مع علمهم أنها كانت تطحن الشعير بيدها ، وإنما كانت تريد بالذي ادعته من فدك صرفه للحسن والحسين ـ عليهما السلام ـ فيحرمونها ذلك ويتركونها محتاجة كئيبة حزينة ، وعثمان بن عفان يعطي مروان بن الحكم (٤) طريد رسول الله
__________________
عني أنا اسمه ـ قال :
يا أبا الحفص الهوينى وما كنت |
|
مليا بذاك لولا الحمام |
أتموت البتول غضبى ونرضى |
|
ما كذا يصنع البنون الكرام |
(١) وممن روى ذلك البخاري في صحيحه ج ٥ ص ١٧٧ ، كتاب المغازي باب في غزوة خيبر ، بإسناده إلى عائشة قالت : إن فاطمة ـ عليها السلام ـ بنت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ارسلت إلى أبي بكر تسأله ميراثها من رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ مما أفاء الله عليه بالمدينة وفدك وما بقى من خمس خيبر ، فقال أبو بكر : إن رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ قال لا نورث ما تركناه صدقة إنما يأكل آل محمد في هذا المال وإنى والله لا اغير شيئا من صدقة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ عن حالها التي كان عليها في عهد رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ولا عملن فيها بما عمل به رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ فأبى أبو بكر أن يدفع إلى فاطمة منها شيئا ، فوجدت فاطمة على أبي بكر في ذلك فهجرته فلم تكلمه حتى توفيت وعاشت بعد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ ستة أشهر ، فلما توفيت دفنها زوجها ليلا ولم يؤذن بها أبا بكر وصلى عليها ... الحديث.
(٢) شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١٦ ص ٢٧٤.
(٣) انظر : صحيح مسلم : ج ٤ ص ١٩٠٣ ح ٩٤ ، مسند أحمد ج ٤ ص ٣٣٢ ، سنن الترمذي ج ٥ ص ٦٥٦ ، ح ٣٨٦٩ ، المصنف لابن أبي شيبة ج ١٢ ص ١٢٦ ، ح ١٢٣١٩ ، حلية الأولياء ج ٢ ص ٤٠.
(٤) تقدمت تخريجاته.