المناظرة الاربعون
مناظرة المأمون مع علماء العامة (١)
عن اسحاق بن حماد بن زيد ، قال : جمعنا يحيى بن أكثم القاضي ، قال : أمرني المأمون بأحضار جماعة من أهل الحديث ، وجماعة من أهل الكلام والنظر ، فجمعت له من الصنفين زهاء أربعين رجلا ، ثم مضيت بهم فأمرتهم بالكينونة في مجلس الحاجب لأعلمه بمكانهم ففعلوا ، فأعلمته فأمرني بإدخالهم فدخلوا فسلموا ، فحدثهم ساعة وآنسهم.
ثم قال : إني أريد ان أجعلكم بيني وبين الله تبارك وتعالى في يومي هذا حجة ، فمن كان حاقنا (٢) ، أو له حاجة فليقم إلى قضاء حاجته وانبسطوا وسلوا خفافكم ، وضعوا أرديتكم ، ففعلوا ما أمروا به.
فقال : أيها القوم إنما استحضرتكم لأحتج بكم عند الله تعالى ، فاتقوا الله وانظروا لأنفسكم وإمامكم ، ولا يمنعكم جلالتي ومكاني من قول الحق حيث كان ، ورد الباطل على من أتى به ، وأشفقوا على أنفسكم من النار ، وتقربوا إلى الله تعالى برضوانه وإيثار طاعته ، فما أحد تقرب إلى مخلوق بمعصية الخالق إلا سلطه الله عليه.
__________________
(١) هذه المناظرة مروية في عيون أخبار الرضا ـ عليه السلام ـ وهي نفسها المناظرة السابقة ـ مناظرة المأمون مع الفقهاء المروية في العقد الفريد ـ وقد آثرنا ذكرهما كلتيهما لما فيهما من التفاوت والأختلاف الكبير الا أن هذه المناظرة أكمل وأوسع وفيها بحوث شتى وفوائد جمة.
(٢) الحاقن : من له بول شديد.