الاستخلاف (١).
ومن الخلاف : أنه لما مات النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ وفي يد فاطمة ـ عليها السلام ـ فدك متصرفة فيها من عند أبيها (٢) فرفع أبو بكر يدها عنها وعزل وكلاءها ، فأتت إلى أبي بكر وطلبت ميراثها من أبيها ، فمنعها واحتج بأن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال : ما تركناه يكون صدقة (٣) ، واحتجت فاطمة فلم يجبها ، فولت غضبانة عليه (٤) ، وهجرته فلم تكلمه
__________________
(١) انظر : ابن الأثير في الكامل في التاريخ : ج ٢ ص ٣٢٥ ، الشهرستاني في الملل والنحل ج ١ ص ٣٠.
(٢) تقدمت تخريجاته.
(٣) روي هذا الحديث في : طبقات ابن سعد : ج ٨ ص ٢٨ ، وصحيح البخاري : ج ٤ ، ص ٩٦ ـ ٩٨ وج ٥ ، ص ٢٥ وص ١١٤ ـ ١١٥ وص ١٧٧ وج ٧ ، ص ٨٢ وج ٨ ، ص ١٨٥ وج ٩ ، ص ١٢٢ بألفاظ متفاوتة ، وصحيح مسلم : ج ٣ ، ص ١٣٨٠ ، ح ١٧٥٩ وانظر : الملل والنحل : ج ١ ، ص ٣١.
(٤) وممن روى ذلك ابن قتيبة في الأمامة والسياسة ج ١ ص ١٩ تحت عنوان (كيف كانت بيعة علي ـ عليه السلام ـ).
وفيه أنها ـ عليها السلام ـ قالت لأبي بكر وعمر : (إني أشهد الله وملائكته أنكما أسخطتماني وما أرضيتماني ، ولئن لقيت النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لأشكونكما إليه). وفيه أيضا : (والله ، لأدعون عليك في كل صلاة أصليها).
ومما لا يخفى على كل مسلم منصف بالنظر الى هذه الأخبار وغيرها أن الزهراء ـ عليها السلام ـ ماتت وهي غضبى عليهم ومن اللازم أن يغضب لها كل مسلم لغضب رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ أيضا فإذا كان كذلك فبالأحرى أن يغضب لها أولادها وشيعتها ومحبوها.
قال ابن ابي الحديد في شرح النهج ج ٦ ص ٤٩ : قال أبو بكر (بسنده) عن داود : قال : أتينا عبد الله بن موسى بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب ونحن راجعون من الحج في جماعة ، فسألناه عن مسائل ، وكنت أحد من سأله ، فسألته عن أبي بكر وعمر ، فقال : أجيبك بما أجاب به جدي عبد الله بن الحسن ، فإنه سئل عنهما ، فقال : كانت أمنا صديقة ابنة نبي مرسل ، وماتت وهي غضبى على قوم ، فنحن غضاب لغضبها.
قلت : قد أخذ هذا المعنى بعض شعراء الطالبيين من أهل الحجاز ، أنشدنيه النقيب جلال الدين عبد الحميد بن محمد بن عبد الحميد العلوي ، قال : أنشدني هذا الشاعر لنفسه ـ وذهب