المناطرة الرابعة والخمسون
مناظرة ابن أبي الحديد المعتزلي (١) مع أبي جعفر يحيى بن محمد العلوي
قال بن أبي الحديد :
سألت أبا جعفر يحيى بن محمد العلوي نقيب البصرة ، وقت قراءتي عليه ، عن هذا الكلام ، وكان ـ رحمه الله ـ على ما يذهب إليه من مذهب العلوية منصفا وافر العقل ، فقلت له : من يعني ـ عليه السذم ـ بقوله : «
__________________
(١) هو : عبد الحميد أبو حامد بن هبة الله بن محمد بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد عز الدين المدائني ، أحد جهابذة العلماء ، وأثبات المؤرخين ، كان فقهيا أصوليا ، ومتكلما جدليا نظارا ، وكان مذهبه الاعتزال كما شهد لنفسه في إحدى قصائده في مدح امير المؤمنين ـ عليه السلام ـ :
ورأيت دين الأعتزال وانني |
|
أهوى لأجلك كل من يتشيع |
وعلى أساسه جادل وناظر ، وحاج وناقش ، وله مع الأشعري والغزالي والرازي كتب ومواقف ، وكان أديبا ناقدا ، ثاقب النظر خبيرا بمحاسن الكلام ومساوئه ، متضلعا في فنون الأدب ، متقنا لعلوم اللسان ، عارفا بأخبار العرب ، مطلعا على لغاتها ، جامعا لخطبها ومنافراتها ، راويا لأشعارها وأمثالها ، قارئا مستوعبا لكل ما حوته الكتب والأسفار في زمانه ، ولد بالمدائن سنة ٥٨٦ ه ، ونشأ بها وتلقى عن شيوخها ، ودرس المذاهب الكلامية فيها ، ثم مال إلى مذهب الاعتزال منها ، ثم ارتحل إلى بغداد ، واختلط بالعلماء من أصحاب المذاهب ، وكان أحد الكتاب والشعراء بالديوان الخليفتي وكان حظيا عند الوزير ابن العلقمي وكما فوض إليه أمر خزائن الكتب ، وله عدة مصنفات منها : شرح نهج البلاغة ، الاعتبار ، ديوان شعر ، العبقري الحسان ، القصائد السبع العلويات ، المستنصريات ، الوشاح الذهبي في العلم الأبي ، وغيرها ، توفي سنة ٦٥٥ ه ، وقيل سنة ٦٥٦ ه.
راجع ترجمته في : مقدمة شرح نهج البلاغة تحقيق محمد أبو الفضل ، وفيات الأعيان ج ٥ ص ٣٩١ ـ ٣٩٢ ، البداية والنهاية ج ١٣ ص ١٩٩ ، سفينة البحار ج ١ ص ٢٣٣.