بكر وعمر تحت ولاية أسامة في مرضه وحثهم على المسير ، ولا يخفى أيضا مخالفتهم ورجوعهم من غير إذنه لما كان ذلك ، ولا يخفى لعن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ المتخلف عن جيش أسامة فلماذا كان؟ (فإنها لا تعمى الأبصار ولكن تعمى القلوب التي في الصدور) (١).
ومن الخلاف : أنه لما مات النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ قال عمر : (والله ما مات محمد ، ولن يموت ، ومن قال إن محمدا مات قتلته بسيفي هذا ، وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى بن مريم) ، فلما تلا عليه أبو بكر : (إنك ميت وإنهم ميتون) (٢) رجع عمر وقال : كأني لم أسمع بهذه حتى قرأها أبو بكر (٣).
ومن الخلاف الواقع في الأمامة : أنه ما سل سيف في الأسلام على قاعدة دينية مثلما سل على الأمامة ، وهو أنه لما مات النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ اشتغل علي ـ عليه السلام ـ بتجهيزه ودفنه وملازمته ذلك ومضى أبو بكر وعمر إلى سقيفة بني ساعدة ، فمد عمر يده فبايع أبا بكر وبايعه الناس ، وتخلف علي ـ عليه السلام ـ عن البيعة وعمه العباس والزبير وبنو هاشم وسعد بن عبادة الأنصاري ، ووقع الخلاف الذي سفك فيه الدماء ، ولو ترك عمر بن الخطاب الاستعجال وصبر حتى يجتمع أهل الحل والعقد ويبايعوا الأول لكان أولى ولم يحصل الخلاف لمن بعدهم في
__________________
(١) سورة الحج : الاية : ٤٦.
(٢) سورة الزمر : الاية ٣٠.
(٣) روى نحوه البخاري في صحيحه : ج ٥ ص ٨ ، وابن الاثير في جامع الاصول : ج ٤ ص ٤٧٠ ح ٢٠٧٥ ، وانظر : فتح الباري في شرح صحيح البخاري : ج ٧ ص ٢١ ، تاريخ ابن الاثير : ج ٢ ص ٣٢٣ ، الملل والنحل : ج ١ ص ٢٩ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ١ ص ١٧٨.