فلو أن عمر لم يحل بينه وبين الكتاب لكتب الكتاب ، ولو كتبه لارتفع الضلال عن الأمة ، لكن عمر منعه من الكتابة ، فكان هو السبب في وقوع الضلال ، وأنا والله لا أقول هذا تعصبا للرافضة ولكني أقول ما وجدته في كتب أهل السنة الصحيحة ، وهو مصرح في صحيح مسلم الذي يعتمدون عليه.
ومن الخلاف الذي جرى بين عمر وبعض الصحابة : أنه لما مرض رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ مرضه الذي توفي فيه جهز جيشا إلى الروم إلى موضع يقال له : مؤتة ، وبعث فيه وجوه الصحابة مثل أبي بكر وعمر وغيرهما ، فأمر عليهم أسامة بن زيد فولاه وبرزوا عن المدينة ، فلما ثقل المرض برسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ تثاقل الصحابة عن السير وتسللوا ، وبقي أبو بكر وعمر يجيئان ويتجسسان أحوال صحة رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ ومرضه ليلا ويذهبان إلى المعسكر نهارا ، ورسول الله يصيح بهم : (جهزوا جيش أسامة ، لعن الله المتخلف عنه) حتى قالها ثلاثا.
فقال قوم : يجب علينا امتثال أمره ، وقال قوم : لا تسع قلوبنا المفارقة (١).
ولا يخفى على العاقل قصد النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ في بعث أبي
__________________
(١) ورد الحديث بألفاظ متفاوتة ، انظر : طبقات ابن سعد : ج ٢ ص ١ ح ٣٧ وج ٢ ص ٢ ح ٤١ وج ٤ ص ١ ح ٤٧ ، فتح الباري للعسقلاني : ج ٧ ص ٨٧ وج ٨ ص ١٥٢ ، كنز العمال : ج ١٠ ص ٥٧٢ ح ٣٠٢٦٦ ، تهذيب تاريخ ابن عساكر : ج ١ ص ١١٧ و ١٢٢ ، دلائل الصدق : ج ٣ ص ٤ و ٥ ، الملل والنحل : ج ١ ص ٢٩ ، شرح نهج البلاغة : ج ٦ ص ٥٢ ، أصول الأخيار : ص ٦٨. وأخرجه في البحار : ج ٢٢ ص ٤٦٦ عن إرشاد المفيد : ص ٩٨ وإعلام الورى : ص ١٤٠.