فانتهوا) (١) وقال تعالى : (لا تقدموا بين يدي الله ورسوله) (٢) ، وقال تعالى : (لا ترفعوا أصواتكم فوق صوت النبي ولا تجهروا له بالقول كجهر بعضكم لبعض أن تحبط أعمالكم وأنتم لا تشعرون) (٣) ، ومع ذلك لم يقتصر عمر على هذه الوجوه بل قابله بالشتم في وجهه وقال : بأن نبيكم ليهجر ، أي يهذي وقال تعالى : (وما ينطق عن الهوى ، إن هو إلا وحى يوحى) (٤).
الثاني : إن النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ لما أراد إرشادهم وحصول الألف بينهم وعدم وقوع الاختلاف والعداوة والبغضاء بكتب الكتاب الذي يكون نافيا لضلالهم أبدا بنص الرسول ـ صلى الله عليه وآله وسلم ـ منعه عمر وحال بينه وبين مراده وهو مأمور بتوقيره ، واتباع أوامره ، وقد قال الله تعالى : (وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة) (٥) ، فكيف ساغ لعمر أن يختار منع النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عن مراده مقابلا له في وجهه بحضرة أصحابه ولهذا كان عبد الله ابن عباس إذا ذكر هذا الحديث يبكي حتى تبل دموعه الحصى ويقول : يوم الخميس وما يوم الخميس (٦) ، وكان يقول دائما : الرزية كل الرزية ما حال
__________________
(١) سورة الحشر : الاية ٧.
(٢) سورة الحجرات : الاية ١.
(٣) سورة الحجرات : الاية ٢.
(٤) سورة النجم : الاية ٣ و ٤.
(٥) سورة الاحزاب : الاية ٣٦.
(٦) شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد : ج ٢ ص ٥٤ ، صحيح مسلم ج ٣ ص ١٢٥٧ ـ ١٢٥٨ ح ٢٠ ـ (١٦٣٧).