بين رسول الله ـ صلى الله عليه وآله ـ وبين كتابه (١).
فقال : أما قولكم إن قوله : إن نبيكم ليهجر شتم ، فغير مسلم ، أما الأول فلأنه لم يقصد بهذه اللفظة ظاهرها فإن في جلالة عمر ، وعظم شأنه ما يمنعه من ذلك ولكن إنما أخرجها على مقتضى خشونة غريزته ، وكان موصوفا بالخشانة وإباءة الطبع.
وأما ثانيا : فلأن قوله : إن نبيكم ليهجر ، مشتق من هجر مهاجرة ، فتكون معناه ان نبيكم ليهاجر ، وأما قولكم إنه منع النبي ـ صلى الله عليه وآله ـ عن كتابه ، وتقدم بين يديه ، ورده عن مراده ، فإنه اجتهاد رأيه فسوغ لمثله العمل باجتهاده فإنه لما رأى في اجتهاده أن ترك هذا الكتاب أصلح ، ساغ له المنع منه على مقتضى اجتهاده وإن كان مخطئا في ذلك الاجتهاد فإن الخطأ في ذلك غير معاقب عليه ، ولا يصح ذم فاعله لأنه أقصى تكليفه.
فقلت : هذا الجواب غير مسموع.
أما الأول : فإن قولك : إنه غير شتم ، دليل على قلة معرفتك بلغة العرب ، وعدم علمك باصطلاحاتهم في المخاطبات فإن ما هو دون هذه اللفظة عندهم شتم يقاتلون عليه ويتخاصمون ، فكيف بهذه اللفظة ، ولا ألومك على قلة معرفتك بذلك لأنك لست بعربي.
وأما قولك : فإنه لم يقصد بها ظاهرها إلى آخر الكلام ، فهو اعتراف منك بأن ظاهرها منكر وزور ونزهته عن ذلك فمن اين عرفت عدم قصده مع أنه تلفظ بها متعمدا واللفظ إذا وقع عن عمد وإرادة دل بظاهره على أنه
__________________
(١) راجع : صحيح مسلم في آخر كتاب الوصية ج ٢ ص ١٢٥٩ ح ٢٢ ، مسند أحمد ج ١ ص ٢٢٢ ، صحيح البخاري ك المرض ب قول المريض قوموا عني ج ٧ ص ١٥٣ ـ ١٥٤ ، شرح نهج البلاغة لابن ابي الحديد ج ٢ ص ٥٥ وج ٦ ص ٥١.