وكأنها تريد القول : لما كان المصدر واحد فينبغي ان تتلاشي الآثار التي تترتب على الشعور بالتفرقة ، فمن الظلم ان لا ياخذ الإِنسان حصة كإِنسان ، والمفروض ان يكون هذا الإِنسان والإِنسان الآخر على حد سواء ، والإِنسان اخو الإِنسان في الواقع ولأمير المؤمنين عليهالسلام القدح المعلى في هذا الجانب ويهتز التاريخ إِعجاباً لمواقفه ، ان اللقمة لم تستقر في جوفه وهو يشعر بوجود جائع ، ولذلك كان يحاول أن يواسي الرعية .
هناك نظرة خاطئة هي أن اكل الجشب والابتعاد عن النعم فضيلة ، فقد كان الإمام علي عليهالسلام يلبس الخشن ويأكل الجشب ، ان الإمام عليهالسلام كان يحاول ان يحقق المساواة بينه وبين اقل طبقات الرعية ، وإِلا فإن النعمة ليست محرمة ( قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ ) (١) .
وفي المقابل ينقل التاريخ ان احد الناس قال للرشيد حينما شرب الماء ( يرحمكم الله ) ، فالتفت إِليه الفضل بن الربيع وقد تغير لون وجهه قائلا : اصبت السنة ولكن اخطأت الادب ! لأَن مثلك لا يقول للخليفة ذلك ! فمن انت حتى تقول له ذلك ؟ !
قوله تعالى : ( فَجَعَلْنَاهُ فِي قَرَارٍ مَّكِينٍ ) :
القرار المكين هو الرحم ، حيث وضع له اربطة تشده شدا محكما في حوض المرأة ، ويتألف من ثلاث طبقات : سطحية وعضلية وطبقة الغشاء . ومن اروع الاعاجيب قدرة الرحم (٢) على الاتساع آلاف المرات من ٢ مليلتر الى ٧٠٠٠ مليلتر (٧ لتر ) وذلك بوصول رسالة كيمياوية من الغدة النخامية (٣) بفرز مادة ( رلكسن )
______________________
(١) سورة الاعراف الآية ٣٢ .
(٢) الرحم : عضو اجوف سميك الجدران يبلغ من الطول حوالي الثلاث بوصات وشبه ثمرة الكمثري في الشكل . ( كل شيء عن جسم الإنسان ص ٩٨ ) .
(٣) الغدة النخامية : تحثُّ الغدد الصماء وتنسق اعمالها ، وتصنع هرمون النمو الذي ينظم نمو الجسم خلال الطفولة ( دليل الاُسرة الصحي ج ١ ص ١٢ ) .