(بِمُزَحْزِحِهِ) فلما أراد وما تعميره ، قال : (وَما هُوَ بِمُزَحْزِحِهِ مِنَ الْعَذابِ أَنْ يُعَمَّرَ) (١٠) ثم قال : (وَاللهُ بَصِيرٌ بِما يَعْمَلُونَ) فعلى حسبه يجازيهم ، ويعدل فيهم ولا يظلمهم».
٥٦٤ / ٢ ـ قال الحسن بن علي بن أبي طالب عليهالسلام : «لما كاعت (١) اليهود عن هذا التمني ، وقطع الله معاذيرهم ، قالت طائفة منهم ، وهم بحضرة رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وقد كاعوا وعجزوا : يا محمد ، فأنت والمؤمنون المخلصون لك مجاب دعاؤكم ، وعلي أخوك ووصيك أفضلهم وسيدهم؟ قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : بلى.
قالوا : يا محمد ، فإن كان هذا كما زعمت ، فقل لعلي يدعو (٢) لابن رئيسنا هذا ، فقد كان من الشباب جميلا نبيلا وسيما قسيما (٣) ، لحقه برص وجذام ، وقد صار حمى (٤) لا يقرب ، ومهجورا لا يعاشر ، يتناول الخبز على أسنة الرماح.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ائتوني به. فأتي به ، فنظر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وأصحابه منه إلى منظر فظيع ، سمج (٥) ، قبيح ، كريه.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : يا أبا حسن ، ادع الله له بالعافية ، فإن الله تعالى يجيبك فيه. فدعا له. فلما كان عند (٦) فراغه من دعائه إذا (٧) الفتى قد زال عنه كل مكروه ، وعاد إلى أفضل ما كان عليه من النبل والجمال والوسامة والحسن في المنظر.
فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم للفتى : يا فتى آمن بالذي أغاثك من بلائك. قال الفتى : قد آمنت ، وحسن إيمانه.
فقال أبوه : يا محمد ، ظلمتني وذهبت مني بابني ، ليته كان أجذم وأبرص كما كان ولم يدخل في دينك ، فإن ذلك كان أحب إلي.
قال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : لكن الله عز وجل قد خلصه من هذه الآفة ، وأوجب له نعيم الجنة.
قال أبوه : يا محمد ، ما كان هذا لك ولا لصاحبك ، إنما جاء وقت عافيته فعوفي ، وإن كان صاحبك هذا ـ يعني عليا عليهالسلام ـ مجابا في الخير ، فهو أيضا مجاب في الشر ، فقل له يدعو علي بالجذام والبرص ، فإني أعلم
__________________
(١٠) هو : كناية عن أحدهم الذي جرى ذكره. أن يعمّر : في موضع رفع بأنّه فاعل تقديره : وما أحدهم بمزحزحه من العذاب تعميره. كما يقال : مررت برجل معجب قيامه. أنظر «مجمع البيان للطبرسي ١ : ٣٢٢».
٢ ـ التفسير المنسوب إلى الإمام العسكري عليهالسلام : ٤٤٤ / ٢٩٥.
(١) كعت عن الشّيء : لغة في كععت عنه ، إذا عبته وجبنت عنه. «لسان العرب ـ كوع ـ ٨ : ٣١٧».
(٢) في المصدر زيادة : الله.
(٣) القسام : الحسن ، وفلان قسيم الوجه ، ومقسّم الوجه. «الصحاح ـ قسم ـ ٥ : ٢٠١١».
(٤) يقال : هذا الشيء حمى : أي محظور لا يقرب. «الصحاح ـ حمى ـ ٦ : ٢٣١٩».
(٥) سمج : قبح. الصحاح ـ سمج ـ ١ : ٣٢٢».
(٦) في المصدر : بعد.
(٧) في المصدر : إذ.