وأقروا (٣) بقلوبكم ذكر محمد سيد عبيدي وإمائي ، وأعيدوا على أنفسكم الولاية لعلي أخي محمد وآله الطيبين ، وقولوا : اللهم بجاههم جوزنا على متن هذا الماء ؛ فإن الماء يتحول لكم أرضا. فقال لهم موسى عليهالسلام ذلك ، فقالوا : أتورد علينا ما نكره ، وهل فررنا من آل فرعون إلا من خوف الموت؟! وأنت تقتحم بنا هذا الماء الغمر بهذه الكلمات ، وما يدرينا ما يحدث من هذه علينا؟! فقال لموسى عليهالسلام كالب بن يوحنا ـ وهو على دابة له ، وكان ذلك الخليج أربعة فراسخ ـ : يا نبي الله ، أمرك الله بهذا أن نقوله وندخل الماء؟ قال : نعم. قال : وأنت تأمرني به؟ قال : نعم.
فوقف وجدد على نفسه من توحيد الله ونبوة محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم وولاية علي عليهالسلام والطيبين من آلهما ما أمره به ، ثم قال : اللهم بجاههم جوزني على متن هذا الماء ؛ ثم أقحم فرسه ، فركض على متن الماء ، فإذا الماء تحته كأرض لينة حتى بلغ آخر الخليج ، ثم عاد راكضا.
ثم قال لبني إسرائيل : يا بني إسرائيل ، أطيعوا الله وأطيعوا موسى فما هذا الدعاء إلا مفاتيح (٤) أبواب الجنان ، ومغاليق أبواب النيران ، ومستنزل (٥) الأرزاق ، وجالب على عباد الله وإمائه رضا (٦) المهيمن الخلاق ؛ فأبوا ، وقالوا : نحن لا نسير إلا على الأرض.
فأوحى الله تعالى إلى موسى : (أَنِ اضْرِبْ بِعَصاكَ الْبَحْرَ) (٧) وقل : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين لما فلقته ؛ ففعل ، فانفلق وظهرت الأرض إلى آخر الخليج.
فقال موسى عليهالسلام : ادخلوها ؛ قالوا : الأرض وحلة نخاف أن نرسب (٨) فيها.
فقال الله عز وجل : يا موسى ، قل : اللهم بحق محمد وآله الطيبين جففها ؛ فقالها ، فأرسل الله عليها ريح الصبا (٩) فجفت. وقال موسى عليهالسلام : ادخلوها ؛ قالوا : يا نبي الله ، نحن اثنتا عشرة قبيلة ، بنو اثني عشر أبا ، وإن دخلنا رام كل فريق منا تقدم صاحبه ، ولا نأمن وقوع الشر بيننا ، فلو كان لكل فريق منا طريق على حدة لأمنا ما نخافه.
فأمر الله موسى أن يضرب البحر بعددهم اثنتي عشرة ضربة في اثني عشر موضعا إلى جانب ذلك الموضع ، ويقول : اللهم بجاه محمد وآله الطيبين بين الأرض لنا وأمط (١٠) الماء عنا ؛ فصار فيه تمام اثني عشر طريقا ، وجف
__________________
(٣) في «س» : وأمرّوا.
(٤) في المصدر : مفتاح.
(٥) في المصدر : ومنزل.
(٦) في المصدر زيادة : الرحمن.
(٧) الشّعراء ٢٦ : ٦٣.
(٨) رسب الشّيء : ثقل وصار إلى أسفل. «مجمع البحرين ـ رسب ـ ٢ : ٧٠».
(٩) الصبا : ريح ، ومهبّها المستوي أن تهبّ من موضع مطلع الشّمس إذ استوى اللّيل والنّهار. «الصحاح ـ صبا ـ ٦ : ٢٣٩٨».
(١٠) أماط عنّي الأذى : أي أبعده عنّي ونحّاه. «مجمع البحرين ـ ميط ـ ٤ : ٢٧٤».