فقال إبليس : يا رب ، وكيف وأنت العدل الذي لا يجور ولا يظلم ، فثواب عملي بطل؟! قال : لا ، ولكن سلني من أمر الدنيا ما شئت ثوابا لعملك فأعطيك. فأول ما سأل البقاء إلى يوم الدين ، فقال الله : قد أعطيتك. قال : سلطني على ولد آدم ، فقال : سلطتك. قال : أجرني فيهم كمجرى الدم في العروق ، فقال : قد أجريتك. قال : لا يولد لهم ولد إلا ولد لي اثنان ، وأراهم ولا يروني ، وأتصور لهم في كل صورة شئت ، فقال : قد أعطيتك.
قال : يا رب زدني ؛ قال : قد جعلت لك ولذريتك صدورهم (٢٦) أوطانا ، قال : رب ، حسبي. فقال إبليس عند ذلك : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ * إِلاَّ عِبادَكَ مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) (٢٧) (ثُمَّ لَآتِيَنَّهُمْ مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ وَمِنْ خَلْفِهِمْ وَعَنْ أَيْمانِهِمْ وَعَنْ شَمائِلِهِمْ وَلا تَجِدُ أَكْثَرَهُمْ شاكِرِينَ) (٢٨)».
٣٨٧ / ٦ ـ وعنه ، قال : حدثني أبي ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، عن زرارة ، عن أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : «لما أعطى الله تبارك وتعالى إبليس ما أعطاه من القوة ، قال آدم : يا رب ، سلطت إبليس على ولدي ، وأجريته فيهم مجرى الدم في العروق ، وأعطيته ما أعطيته ، فما لي ولولدي؟ فقال : لك ولولدك السيئة بواحدة ، والحسنة بعشر أمثالها.
قال : رب ، زدني. قال : التوبة مبسوطة إلى حين تبلغ النفس الحلقوم.
قال : يا رب ، زدني. قال : أغفر ولا أبالي ؛ قال : حسبي».
قال : قلت له : جعلت فداك ، بماذا استوجب إبليس من الله أن أعطاه ما أعطاه؟ فقال : «بشيء كان منه شكره الله عليه».
قلت : وما كان منه ، جعلت فداك؟ قال : «ركعتان ركعهما في السماء في أربعة آلاف سنة».
٣٨٨ / ٧ ـ محمد بن يعقوب : عن علي بن إبراهيم ، عن أبيه ، عن ابن أبي عمير ، عن جميل ، قال : كان الطيار (١) يقول لي : إبليس ليس من الملائكة ، وإنما أمرت الملائكة بالسجود لآدم ، فقال إبليس : لا أسجد ، فما لإبليس يعصي حين لم يسجد ، وليس هو من الملائكة؟! قال : فدخلت أنا وهو على أبي عبد الله عليهالسلام ، قال : فأحسن والله في المسألة ؛ فقال : جعلت فداك [أرأيت] ما ندب الله عز وجل إليه المؤمنين من قوله : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا) (٢) أدخل في ذلك المنافقون
__________________
(٢٦) في المصدر : جعلت لك في صدورهم.
(٢٧) سورة ص ٣٨ : ٨٢ و ٨٣.
(٢٨) الأعراف ٧ : ١٧.
٦ ـ تفسير القمّي ١ : ٤٢.
٧ ـ الكافي ٢ : ٣٠٣ / ١.
(١) وهو حمزة بن محمّد الطيّار ، كوفيّ من أصحاب الصّادق ٧. «معجم رجال الحديث ٦ : ٢٧٨».
(٢) البقرة ٢ : ١٠٤.