من المحرمات الذاتية المعهودة كما سيأتي تفيصله بل ينفذ صومه باشراقته المتألقة الى داخل نفسه وقلبه وضميره لينير ذلك كله بضوء التقوى والخوف من الله تعالى فلا يبقى في اي واحد منها أثر لظلام النية السيئة والتفكير الشيطاني الذي يخطط للهدم والاضرار بالاخرين لنيل منفعة مادية شخصية ترضي هواه وتشبع رغبة نفسه الامارة بالسوء وبذلك ندرك ان المؤمن الواعي كامل الايمان هو الذي يحقق الكامل من الصيام فيضم الامساك الباطني عن كل نية سيئة وتفكير شيطاني مدمر الى الامساك الظاهري المتمثل بترك المفطرات المعهودة المعدودة مع جميع المحرمات الذاتية علما منه بأن الله سبحانه لم يحرم عليه المفطرات المعلومة في شهر رمضان المبارك واكثرها مباحات في نفسها الا من اجل ان يتمرن ويستفيد من صومه الخاص قوة ارادية تساعده على تحقيق الصوم العام المتمثل بالامساك الكامل عن كل المحرمات في جميع الشهور والاوقات وذلك عبارة اخرى عن التقوى التي اعتبرها الله سبحانه العلة الغائية والسبب الداعي لتشريع الصوم كما تقدم حيث قال تعالى :
( يايها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم لعلكم تتقون (١٨٣) ) (١).
في مقام صوم الفكر والعقل عن التخطيط الحرام والتفكير الشيطاني الاثم ـ يأتي فطوره الذي يتناوله بعد انتهاء نهار هذا الصوم المعنوي وهو يتمثل في التفكير في خلق السموات والارض واختلاف الليل والنهار وفي الافاق والانفس وفي التدبر في آيات الكتاب الكريم ليحرر فكره وعقله ويطلقهما من اسر الجهل والتقليد الاعمى ويسير على درب الحرية الفكرية الداخلية التي ينال بها الايمان الصادق والعقيدة الصحيحة الراسخة التي تثمر له العبودية الواعية والعبادة الخالصة لوجه الله تعالى.
__________________
(١) سورة البقرة ، آية : ١٨٣.