وإذا صح العقد
استحقت الأجرة عاجلا ، إلا أن يشرط التأجيل ، بدليل الإجماع المشار إليه ، وأيضا
قوله تعالى (فَإِنْ أَرْضَعْنَ
لَكُمْ فَآتُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ) ، لأن المراد فإن بذلن لكم الرضاع ، بدليل قوله في آخر
الآية (وَإِنْ تَعاسَرْتُمْ
فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرى) ، والتعاسر أن لا ترضى بأجرة مثلها.
ويملك المؤجر
الأجرة والمستأجر المنفعة بنفس العقد ، حتى لو استأجر دابة ليركبها إلى مكان بعينه
، فسلمها إليه ، فأمسكها مدة يمكنه المسير فيها ، فلم يفعل ، استقرت الأجرة عليه ،
بدليل الإجماع الماضي ذكره ، ولأنه عقد له على منفعة ، ومكنه منها ، فلم يستوفها ،
وضيع حقه ، وذلك يسقط حق المؤجر.
وإذا قال : آجرتك
هذه الدار كل شهر بكذا ، صح العقد وإن لم يعين آخر المدة ، لأن الأصل الجواز ، والمنع
يحتاج إلى دليل ، ويستحق الأجرة للزمان المذكور بالدخول فيه ، ويجوز الفسخ بخروجه
، ما لم يدخل في الثاني ، ومن أصحابنا من قال : لا يجوز أن يؤجر مدة قبل دخول
ابتدائها ، لافتقار صحة الإجارة إلى التسليم ، ومنهم من اختار القول بجواز ذلك وهو أولى لقوله (أَوْفُوا
بِالْعُقُودِ) ، وقوله عليهالسلام : «المؤمنون عند شروطهم» ، وأما التسليم فهو مقدور عليه حين استحقاق المستأجر له
، وتعذره قبل ذلك لا ينافي عقد الإجارة.
ولا يجوز أن
يؤجر بأكثر مما استأجره من جنسه ـ سواء كان المستأجر هو
__________________