مسلم إلا بطيب نفس منه. (١)
وإذا أراد أحدهما الانفراد بالعمارة لم يكن للآخر منعه ، فإن عمر متبرعا بالآلات القديمة ، لم يكن له المطالبة لشريكه بنصف النفقة ، ولا منعه من الانتفاع ، وإن عمر بآلات مجددة ، فالبناء له ، وله نقضه إذا شاء ، والمنع لشريكه من الانتفاع ، وليس له سكنى السفل ولا منع شريكه من سكناه ، لأن ذلك انتفاع بالأرض لا بالبناء.
ولا يجوز لأحد الشريكين في الحائط أن يدخل فيه خشبة خفيفة لا تضر بالحائط ضررا كثيرا إلا بإذن الآخر ، لأن ذلك هو الأصل من حيث كان تصرفا فيما لا يملكه على الانفراد ، ومن ادعى جواز ذلك لزمه الدليل ، ومتى أذن لشريكه في الحائط في وضع خشب عليه ، فوضعه ثم انهدم أو قلع ، لم يكن له أن يعيده إلا بإذن مجدد ، لأن جواز إعادته يفتقر إلى دليل ، والأصل أن لا يجوز ذلك إلا بإذن ، وليس الإذن في الأول إذنا في الثاني.
وإذا تنازع اثنان دابة ، أحدهما راكبها والآخر آخذ بلجامها ، وفقدت البينة ، فهي بينهما نصفين ، لأنه لا دليل على وجوب الحكم بها للراكب ، وتقديمه على الآخذ ، فمن ادعى ذلك فعليه الدليل.
ومن ادعى على غيره مالا مجهولا ، فأقر له به ، وصالحه فيه على مال معلوم ، صح الصلح ، لقوله تعالى (وَالصُّلْحُ خَيْرٌ) (٢) لأنه لم يفرق ، وقوله عليهالسلام : الصلح جائز بين المسلمين ، الخبر. (٣)
__________________
(١) سنن البيهقي : ٦ ـ ١٠٠ وكنز العمال : ١ ـ ٩٢ ومسند أحمد : ٥ ـ ٧٢ والبحر الزخار : ٥ ـ ٨٩.
(٢) النساء : ١٢٨.
(٣) سنن البيهقي : ٦ ـ ٦٥ كتاب الصلح ، وكنز العمال : ٤ ـ ٣٦٥ برقم ١٠٣٣.