يقبض بيده كل شيء ، يلمس كل شيء ، يعمل كما يريد . . . لكنه سرعان ما يلتفت إلى أنه ليس حراً مطلقاً ، إنه يرغب كثيراً في ثدي أمه وهو مصدر غذائه ، لكنه عندما تتركه أمُّه أثناء ارتضاعه لتذهب وراء أعمالها يفهم الطفل أن الثدي ليس في اختياره دائماً ، يجب أن يصيح ، أن يبكي . . . حتى تحنّ الأم إليه ويسترجع الثدي الضائع .
وعندما تتفتح أصابع الطفل فإنه يرغب بولع شديد أن يأخذ التفاحة ويأخذ الخبز ، ولكنه حيث لا يدرك الفواصل فقد يخرج يده من المهد ليأخذ المصباح من السقف أو القمر من السماء وقد يمدّ يده إلى النار ليأخذ جمراتها المتوقدة فيحترق ويبكي . . هنا يدرك الطفل أنه ليس حراً مطلقاً كما يظن ، فحريته محدودة .
ويتدرج الطفل في نموه ، ويأخذ في المشي ويقترب من الحوض فيرى الأسماك تسبح في الماء ، ويحكم طبعه الطفولي الحر يرغب في أن يسبح مثل تلك الأسماك ، فيلقي بنفسه في الماء . . ينقطع نَفَسه ويشرف على الموت ، فتصل إليه الأم وتخرج طفلها المتقطع الأنفاس . . وحين يثوب إليه رشده ينظر نظرة إلى الماء ويفهم أنه ليس حراً ولا يتمكن من أن يسبح كالسمك .
وعلى أيَّة حال فإن الإِنسان يلاقي موانع الطبيعة منذ طفولته في كل خطوة يخطوها ، وفي كل يوم يحس بتقلص حريته أكثر من ذي قبل . ويدرك أن رغباته تصطم بجدران حديديةٍ لا تخترق . ولا يتمكن أن يمارس إرادته بحريةٍ كاملةٍ .
٢ ـ والحاجز الثاني الذي يقف أمام الميول والرغبات الفردية ، هو القوانين الصحية التي تظهر في الحمية . . فإن المريض يشاهد الفواكه والحلويات والأطعمة المختلف ، فيرغب في أن يأكل منها ولكنه مصاب بمرض السكر ، فإن حاول إتباع ميوله بالتناول من الفواكه والحلويات التي تكثر فيها مادة السُكَّر فسوف يبتلى بأنواع الآلام .
أو أنه مصاب بمرض في الكبد فعليه أن يحتمي عن كثير
من الأطعمة