ومعرفة العلامات من غير اقتصار على البيّنة ، والمعصومون عليهمالسلام كانوا مطّلعين وما كانوا يمنعون ، بل كانوا يقرّون.
ويظهر ذلك من بعض الأخبار ، مثل الرجل وجد دنانير كثيرة في منى والصادق عليهالسلام أمره بالتعريف ، فأوّل صوت صوّت قال رجل : أنا صاحبه ، فعرّفه بالعلامة وأعطاها بها ، وحكى ذلك للصادق عليهالسلام فقرّره عليه (١) ، وغير ذلك ، منها : صحيحة البزنطي الّتي ستجيء (٢) ، مع أنّه لو اقتصر على البيّنة لا تكاد تصل لقطة إلى صاحبها.
على أنّ أهل العرف إذا سمعوا العلامات الخاصّة يقولون : إنّه ماله ، وإنّه عرفنا صاحبه ويعطون ، ويقولون : أعطيناه صاحبه ، فتأمّل.
ولعلّه بما ذكرنا جوّز المشهور الإعطاء بالمظنّة (٣) ، ونقل عن ابن إدريس المنع (٤) ، ولعلّه ليس بشيء.
ويؤيّد ما ذكرنا اتّفاقهم ـ بحسب الظاهر ـ على عدم إظهار العلامات عند التعريف ، بل الإيهام ، بل الإيغال في الإيهام (٥) ، فلو كان لا يعطي إلّا بالبيّنة لم يكن ضررا أصلا في الإظهار بتمامه ، بل إراءتهم ومشاهدتهم.
لكن حكم بعضهم بالضمان إذا ظهر صاحبه وأعطاه الملتقط غيره بالوصف (٦) ، ولا يخلو عن الإشكال ، لأنّه إذا كان برخصة من الشرع فلم يضمن ،
__________________
(١) الكافي : ٥ ـ ١٣٨ الحديث ٦ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٤٤٩ الحديث ٣٢٣٣٠.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٤٦٢ ، وسائل الشيعة : ٢٥ ـ ٤٦١ الحديث ٣٢٣٥٥.
(٣) راجع : الروضة البهيّة : ٧ ـ ١١٥ ، رياض المسائل : ٢ ـ ٣٣٣.
(٤) السرائر : ٢ ـ ١١١.
(٥) راجع! مجمع الفائدة والبرهان : ١٠ ـ ٤٥٧ ، مفتاح الكرامة : ٦ ـ ١٦٢.
(٦) الروضة البهيّة : ١١٦ ـ ١١٧.