ثمّ الصحيحة (١) ظاهرة في التعذّر العرفي ، والثانية (٢) في تعسّر ما ، والثالثة (٣) في عدم اعتبار التعذّر ولا التعسّر ، ولعلّ عدم القول بالفصل يقتضي اتّحاد الحال في الكلّ ، وأنّ العدّ والوزن والكيل على حدّ سواء ، فتأمّل.
ويمكن حمل الثالثة ـ أيضا ـ على تعسّر ما ، لأنّ المتعارف عدم ارتكاب أمثال ذلك إلّا لتعسّر ، ولو كان قليلا ، فتأمّل.
قوله : الظاهر عدم الفرق ، فإنّ ما جزؤه مجهول مطلقا [ فهو مجهول ] .. إلى آخره (٤).
لا يخفى أنّ المجهوليّة لا تضرّ إلّا من جهة الغرر ، لأنّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن بيع الغرر (٥) ، لا عن المجهول. نعم ، الغرر لا يتحقّق إلّا من جهل البتّة ، إذ لو لم يكن جهل أصلا فلا معنى للقول بأنّه مغرور.
وأيضا ، الجاهل ـ من حيث هو هو ـ لا يصير مكلّفا ، والنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نهى عن الغرر ، فيكون مكلّفا بترك المعاملة الّتي تكون معرضا للغرر ، والمعرض له إمّا مجهوليّة أصل العوض أو قدره ، أو حصولهما لكن لا مطلقا ، بل بحيث يعدّ في العرف وعند أهل الخبرة غررا ، ولذا لا عبرة بتفاوت المكاييل والموازين وأشباهها.
وممّا لا عبرة به جهل ما ليس مقصودا بالذات في المعاملة ، مثل : عروق الأشجار وأصول الأساطين وأمثالهما ، إذ لا شك في المجهوليّة وعدم العبرة بجهله
__________________
(١) أي : صحيحة هشام بن سالم وابن مسكان الآنفة الذكر.
(٢) أي رواية عبد الملك بن عمرو : مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٨٤ ، وسائل الشيعة : ١٧ ـ ٣٤٣ الحديث ٢٢٧١٠.
(٣) أي رواية عبد الرحمن بن أبي عبد الله : مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٨٤ ، وسائل الشيعة : ١٧ ـ ٣٤٢ الحديث ٢٢٧٠٩.
(٤) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٨٦.
(٥) لاحظ! عوالي اللآلي : ٢ ـ ٢٤٨ الحديث ١٧.