قوله : ومن هذا علم أنّ الدليل في الأوّل هو النصّ والإجماع .. إلى آخره (١).
يظهر من هذا أنّ القدرة على التسليم ليست شرطا ، وفيه ما فيه ، مع أنّه سيذكر في بحث النقد والنسيئة ما يظهر منه أنّه جعل نفس التسليم داخلا في ماهيّة البيع وشرطا لتحقّق الانتقال ، وأنّ البائع لا يرضى بالانتقال إلّا بشرط التسليم ، وما أبعد ما بين ما يذكر هنا وهناك ، فتأمّل.
مع أنّه يظهر من كلامه أنّ الغرر مضرّ ، وأنّه غير متحقّق في بيع الآبق مطلقا ، وفيه ما فيه.
وأيضا ، الضالّة ليست على نهج واحد ، منها ما لا غرر ولا سفاهة في بيعها أصلا ، والقدرة على التسليم فيها مظنونة بالظنّ القوي غاية القوّة ، بل وأولى من الطير المعتاد.
ومنها ، ما ليست كذلك ، بل حصولها غير مظنون على نحو الآبق ، وربّما يكون حصولها في غاية البعد ، ففيها السفاهة ، ولا ينفع الرجوع بالثمن ، لأن مرجع السفاهة إلى العقلاء ، فربّما يعدّون الفعل سفاهة لعدم غرض معتدّ به عندهم ، وربّما لا يتأتّى الرجوع أو لا يحصل من البائع شيء ، فيتحقّق فيه الغرر أيضا ، فتأمّل.
وأيضا ، إذا كان البيع صحيحا يكون لازما ، للأصل والعمومات ، فالحكم بالرجوع إلى الثمن يتوقّف على دليل ولو لم يكن فلا رجوع ، بمقتضى الأصل والعمومات ، فتأمّل جدّا.
قوله : [ معلوميّة العوض ] عند المتبايعين .. إلى آخره (٢).
وأمّا التعيين بحسب الواقع ، فلا شكّ في اعتباره ، لاستحالة الانتقال بدونه ،
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٧٣.
(٢) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٧٤.