لا يقاس على الآبق الضالّة من البعير .. إلى آخره (١).
اعلم أنّ بيع الضالّة عند الفقهاء صحيح البتّة ، إمّا مطلقا أو على طريقة بيع الآبق.
وجه الأوّل ، أنّ الضرر ليس إلّا من جهة الغرر ، وهو مجهوليّة الحصول ، لعدم القدرة عليه ، والضالّة بحسب العادة مقدور عليها ، وبحسب الغالب الشائع المتعارف يجدها ويأخذها بعد التفتيش والتجسّس البالغ ، وعدم المسامحة والمساهلة ، بل من هذه الجهة أولى من الطير المعتاد الرجوع في حكاية القدرة على التسليم وظهور الحصول (٢).
ولو سلّم عدم الأولويّة ، فليس بأضعف منه ، وعلى فرض تسليم الأضعفيّة فليست إلى حدّ يدخل به في مجهول الحصول كالآبق ، لأنّ له شعورا وتدبّرا (٣) وحيلة في إخفاء نفسه وإخراجها عن أن يتمكّن منه ويتسلّط عليه ، ولذا ـ بحسب العادة ـ ليس بمقدور التسليم.
ووجه الثاني ، أنّها غير مقدور التسليم حين الضلال ، وغير معلوم الحصول بعده ، فهو مثل الآبق ، وإن كان القدرة على التسليم فيه أزيد وظنّ الحصول أقوى ، فإذا حكم الشارع في الآبق بما حكم يكون ذلك الحكم فيها بطريق أولى.
ولو لم تكن هذه الأولويّة لحكمنا فيها ببطلان البيع ، لعدم القدرة على التسليم وحصول الغرر ، ولذا لم نقل بالصحّة في غير الآبق والضّالة ممّا هو مجهول الحصول.
واحتمل الشارح البطلان بناء على عدم الأولويّة أيضا ، وفيه ما فيه ، فتأمّل.
__________________
(١) مجمع الفائدة والبرهان : ٨ ـ ١٧٣.
(٢) في ب : ( الحال ).
(٣) في ب ، د ، ه : ( تدبيرا ).