كما لم ينكشف وجه الحكمة لمّا اَتاه الخضر عليهالسلام من خرق السفينة ، وقتل الغلام ، واقامة الجدار ، إلاّ بعد افتراقهما. يابن الفضل ، إنّ هذا الأمر أمر من الله ، وسرّ من سرّ الله ، وغيب من غيب الله ، ومتى علمنا أنّه عزّ وجلّ حكيم صدّقنا بأنّ أفعاله كلّها حكمة وإن كان وجهها غير منكشف لنا » (١).
فالمعصومون عليهالسلام وإن سكتوا عن بيان العلّة الأصليّة للغيبة للنّاس ، ولكنّهم أشاروا إلى بعض حكم الغيبة ، فمنها :
إنّ الله عزّ وجلّ أجرى بعض سننه في أنبياءه ، ومن المفروض أن يجري شبيه هذه السنن في قائم آل محمّد عليهالسلام ، ومن جملة هذه السنن مسألة غيبة الأنبياء ، فكان اللازم عليهم طبقاً للمصالح والعلل أن يغيبوا مدّة عن قومهم ، وكانت هذه الغيبات تطول أحياناً وتقصر اُخرى. وفي اُمّة الإسلام اختصّت هذه المسألة بالإمام المهدي عليهالسلام.
يقول سدير الصيرفي : « قال الصادق عليهالسلام : إنّ للقائم عليهالسلام منّا غيبة يطول أمدها.
فقلت : ولِمَ ذلك يابن رسول الله ؟
قال : إنّ الله عزّجلّ أبي إلاّ أن يُجري منه سنن الأنبياء في غيباتهم ، وأنّه لا بدّ له ـ يا سدير ـ من استيفاء مدد غيباتهم. قال الله تعالى : ( لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَن طَبَقٍ ) (٢) ، أي سنناً على سنن من كان قبلكم » (٣).
_________________________
(١) بحار الأنوار : ٥٢ / ٩١.
(٢) الانشقاق (٨٤) : ١٩.
(٣) بحار الأنوار : ٥٢ / ٩٠.