فنبيّ الله صالح عليهالسلام غاب عن قومه فترة من الزمن ثمّ رجع إليهم ، فافترق النّاس فيه إلى ثلاثة فِرق : فرقة أنكروا نبوّته ، وفرقة ما زالت في الشكّ ، وفرقة بقيت على الوفاء بعدها وإيمانها به.
وأمّا إدريس ، فغاب عن قومه بعد مواجهة طاغوت عصره ما يقارب عشرين سنة. فقال لعشرة من أتباعه قبل غيبته : « لقد دعوت الله عزّ وجلّ أن يحبس قطر السماء عن هذه البلدة فاخرجوها أنتم منها أيضاً. وهكذا إلياس عليهالسلام الذي خرج إلى الصحاري والقفاز ، وغاب عن قومه سبع سنين. وهكذا موسى عليهالسلام غاب سبع وعشرون سنة ، ودانيال عليهالسلام غاب تسعين سنة » (١).
فتحصّل أنّ المسألة لم تنحصر في الإمام المهدي فقط ، بل سبقه جمع من الأنبياء عليهم صلوات الله الملك العلاّم.
ما هي علّة غيبة الإمام المهدي عليهالسلام ؟
الجواب : قلنا إنّ مسألة الغيبة تعتبر من الأسرار الإلهيّة ، ولا يعرف سرّها إلى اليوم غير المعصومين عليهمالسلام ، ومن هنا لما طرحت مسألة الغيبة قبل ولادة المهدي عليهالسلام كثرت الأسئلة عنها ، ولمّا لم يؤذنوا بإفشاء هذا السرّ ، جهل النّاس علّة ذلك.
يقول عبدالله بن الفضل الهاشمي : « سمعت الإمام الصادق عليهالسلام يقول ـ لمّا سألته عن وجه الحكمة في غيبته : ـ وجه الحكمة في غيبته وجه الحكمة في غيبات من تقدّمة من حجج الله تعالى ، إنّ وجه الحكمة في ذلك لا ينكشف إلاّ بعد ظهوره ،
_________________________
(١) راجع كتاب الشيعة والرجعة : ١ / ٣٢٩.