الله لا يحل نكثه ، مدحهم عليها ابتداءا ثم ذمهم على ترك شرطها بقوله : ( فَما رَعَوْها حَقَّ رِعايَتِها ) لأن كفرهم بمحمد أحبطها.
وَفِي الْحَدِيثِ فِي قَوْلِهِ : ( ما كَتَبْناها ) الْآيَةَ قَالَ : صَلَاةُ اللَّيْلِ (١).
وَفِي الْخَبَرِ : « لَا رَهْبَانِيَّةَ فِي الْإِسْلَامِ ».
أي لا تَرَهُّبَ. وفِيهِ : « هِيَ مِنْ رَهْبَةِ النَّصَارَى ».
كانوا يَتَرَهَّبُونَ بالتخلي من اشتغال الدنيا وترك ملاذها والزهد فيها حتى إن منهم من كان يخفي نفسه ويضع السلسلة في عنقه ويلبس المسوخ ويترك اللحم ونحو ذلك من أنواع التعذيب ، فلما جاء الإسلام نهى عن ذلك. وفِي الْحَدِيثِ : « إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أَتَرَهَّبَ؟ فَقَالَ : لَا تَفْعَلْ وَأَنَ تَرَهُّبَ أُمَّتِي الْقُعُودُ فِي الْمَسَاجِدِ ».
وأصل التَّرَهُّبِ هنا اعتزال النساء وغيرهن ، وأصلها من الرَّهْبَةِ ، وهي الخوف ، يقال : « رَهِبَ رَهَباً « من باب تَعِبَ : خاف ، والاسم « الرَّهْبَةُ » ، وهو رَاهِبٌ من الله والله مَرْهُوبٌ ، وجمع الرَّاهِبِ « رُهْبَانٌ » ، وجمع الرُّهْبَانِ رَهَابِينُ ورَهَابِنَةٌ والرَّهْبَنَةُ فعلنة أو فعللة ، والرَّهْبَانِيَّةُ منسوب إلى الرَّهْبَنَةِ. وفِي الْحَدِيثِ : « أَعْطَى اللهُ مُحَمَّداً الْفِطْرَةَ الْحَنِيفِيَّةَ لَا رَهْبَانِيَّةً وَلَا سِيَاحَةً ».
وفِيهِ « الرَّهْبَةُ مِنَ اللهِ ».
وضدها الجرأة على معاصي الله تعالى. والرَّهْبَةُ في الدعاء : أن تجعل ظهر كفيك إلى السماء وتَرْفَعَهُمَا إلى الوجه (٢).
وَفِي حَدِيثِ وَصْفِ الْمُؤْمِنِينَ : « رُهْبَانِ اللَّيْلِ أُسْدِ النَّهَارِ ».
أي متعبدون بالليل من خوف الله تعالى ، شجعان في النهار بمجاهدة النفس والشيطان.
(ريب)
قوله تعالى : ( رَيْبَ الْمَنُونِ ) [ ٥٢ /٣٠ ] أي حوادث الدهر ، وقيل المنون الموت. قوله : ( وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ ) [ ٢ / ٢٣ ] أي في شك.
__________________
(١) الكافي ج٣ ص ٤٨٨.
(٢) في معاني الأخبار ص٣٧٠ : « والرهبة أن تكفىء كفيك فترفعهما إلى الوجه ».