[ ٤٠ / ١٥ ] أي الوحي ، وقيل القرآن ، وقيل ما يحيا به الخلق ، أي يهتدون به فيكون حياة. قوله : ( يُنَزِّلُ الْمَلائِكَةَ بِالرُّوحِ مِنْ أَمْرِهِ ) [ ١٦ / ٢ ] أي بالرحمة والوحي عن أمره. والرِّيحُ : الرَّائِحَةُ ، ومنه قوله تعالى حكاية عن يعقوب (ع) ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ) [ ١٢ / ٩٤ ] أي رَائِحَتَهُ.
وَعَنِ الصَّادِقِ (ع) فِي قَوْلِهِ : ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ ) قَالَ : إِنَّ إِبْرَاهِيمَ عليه السلام لَمَّا أُوقِدَتْ لَهُ النَّارُ أَتَاهُ جَبْرَئِيلُ عليه السلام بِثَوْبٍ مِنْ ثِيَابِ الْجَنَّةِ وَأَلْبَسَهُ إِيَّاهُ فَلَمْ يَضُرَّهُ مَعَهُ حَرٌّ وَلَا بَرْدٌ ، فَلَمَّا حَضَرَ إِبْرَاهِيمَ الْمَوْتُ جَعَلَهُ فِي تَمِيمَةٍ وَعَلَّقَهُ عَلَى إِسْحَاقَ ، وَعَلَّقَهُ إِسْحَاقُ عَلَى يَعْقُوبَ ، فَلَمَّا وُلِدَ يُوسُفُ عَلَّقَهُ عَلَيْهِ ، فَكَانَ فِي عَضُدِهِ حَتَّى كَانَ مِنْ أَمْرِهِ مَا كَانَ ، فَلَمَّا أَخْرَجَهُ يُوسُفُ بِمِصْرَ مِنَ التَّمِيمَةِ وَجَدَ يَعْقُوبُ رِيحَهُ ، وَهُوَ قَوْلُهُ : ( إِنِّي لَأَجِدُ رِيحَ يُوسُفَ )(١).
قوله : ( حِينَ تُرِيحُونَ ) [ ١٦ / ٦ ] أي حين تردون الإبل عشية إلى مَرَاحِهَا. والرَّوَاحُ : نقيض الصباح ، وهو اسم للوقت من زوال الشمس إلى الليل.
وَفِي الْخَبَرِ « مَنْ رَاحَ إِلَى الْجُمُعَةِ مِنْ أَوَّلِ النَّهَارِ فَلَهُ كَذَا ».
أي من ذهب.
وَفِي الْحَدِيثِ « أَرْوَاحُ الْمُؤْمِنِينَ فِي رَوْضَةٍ كَهَيْئَةِ الْأَجْسَادِ فِي الْجَنَّةِ ».
وَفِي آخَرَ « أَنَ الْأَرْوَاحَ فِي صِفَةِ الْأَجْسَادِ فِي شَجَرَةٍ مِنَ الْجَنَّةِ تَتَسَاءَلُ وَتَتَعَارَفُ ».
وَفِي آخَرَ « فِي حُجُرَاتٍ فِي الْجَنَّةِ يَأْكُلُونَ مِنْ طَعَامِهَا وَيَشْرَبُونَ مِنْ شَرَابِهَا ».
وَفِي آخَرَ » إِذَا قَبَضَهُ اللهُ إِلَيْهِ صَيَّرَ تِلْكَ الرُّوحَ فِي قَالَبٍ كَقَالَبِهِ فِي الدُّنْيَا فَيَأْكُلُونَ وَيَشْرَبُونَ ، فَإِذَا قَدِمَ عَلَيْهِمُ الْقَادِمُ عَرَفُوهُ بِتِلْكَ الصُّورَةِ الَّتِي كَانَتْ فِي الدُّنْيَا ».
قال بعض الأفاضل : قد يتوهم أن القول بتعلق الْأَرْوَاحِ بعد مفارقة أبدانها العنصرية بأشباح أخر ـ كما دلت عليه الأخبار ـ قول بالتناسخ ، وهذا توهم سخيف ، لأن
__________________
(١) البرهان ج ٢ ص ٢٦٩.