فأخذ الشيخ عن السرير ، وأخذت أنا ، فوالله لقد مر بنا من السحب والجرِّ والضرب ، ما ظننت أننا لا نكثر الأحياء أبداً ، وكان أشد ما مرَّ بي من ذلك أن رأسي كان يُجَرُّ على الصخر ، وكان بعض مواليه يأتيني فينتف لحيتي ، وموسى يقول : أقتلوهما بني كذا وكذا بالزاني لا يكني !
وأبو بكر يقول له : أمسك قطع الله لسانك وانتقم منك ، اللهم إياك أردنا ، ولولد وليك غضبنا ، وعليك توكلنا .
فصيَّر بنا جميعاً إلى الحبس ، فما لبثنا في الحبس إلا قليلاً ، فالتفت إليَّ أبوبكر ورأي ثيابي قد خرقت وسالت دمائي ، فقال : يا حِمَّاني قد قضينا لله حقاً ، واكتسبنا في يومنا هذا أجراً ، ولن يضيع ذلك عند الله ولا عند رسوله صلىاللهعليهوآله .
فما لبثنا إلا مقدار غدائةٍ ونومة ، حتى جاءنا رسوله فأخرجنا إليه ، وطلب حمار أبي بكر فلم يوجد ، فدخلنا عليه فإذا هو في سرداب له يشبه الدور سعة وكبراً ، فتعبنا في المشي إليه تعباً شديداً ، وكان أبوبكر إذا تعب في مشيه جلس يسيراً ، ثم يقول : اللهم إن هذا فيك فلا تَنْسَهْ ، فلما دخلنا على موسى ، وإذا هو على سرير له فحين بصر بنا قال : لا حيا الله ولا قرب ، من جاهل أحمق يتعرض لما يكره ، ويلك يا دعي ، ما دخولك فيما بيننا معشر بني هاشم !
فقال له أبوبكر : قد سمعت كلامك ، والله حسبك ! فقال له : أخرج قبحك الله ، والله لئن بلغني أن هذا الحديث شاع ، أو ذكر عنك لأضربن عنقك !