وكان جلوسه فيه في سنة تسع وثلاثين ومائتين ، ثم دعا بالطعام وحضر الندماء وسائر المغنين والملهين ، وأكل الناس . ورام النوم فما تهيأ له ، فقال له الفتح : يا مولاي ، ليس هذا يوم نوم ، فجلس للشرب . فما كان الليل رامَ النوم ، فما أمكنه فدعا بدهن بنفسج ، فجعل منه شيئاً على رأسه وتنشقه فلم ينفعه .
فمكث ثلاثة أيام بلياليها لم ينم ، ثم حُمَّ حُمَّى حَادَّة ، فانتقل إلى الهاروني قصر أخيه الواثق ، فأقام به ستة أشهر عليلاً ، وأمر بهدم البرج » .
ما قيمة الخلافة إذا كان الخليفة مُنْحَطاً !
عملت الحكومات على نسج هالة كاذبة على شخصية الخليفة ، واخترعت له صفات ومناقب ، لتتناسب شخصيته مع لقبه الرسمي : خليفة رسول الله صلىاللهعليهوآله .
بل جعلوه خليفة الله تعالى ، وفضلوه على رسول الله صلىاللهعليهوآله ! فقد سمى معاوية نفسه « خليفة الله » وقال : « الأرض لله وأنا خليفة الله ، فما أخذت من مال الله فهولي ، وما تركت منه كان جائزاً لي ! فقال صعصعة :
تُمَنِّيكَ نفسُكَ ما لا يكونُ |
|
جهلاً معاويَ لا تأثمِ » . |
« مروج الذهب : ٣ / ٥٢ ، وجمهرة خطب العرب : ١ / ٤٤٥ » .
وفي أنساب الأشراف للبلاذري / ١١٠٩ : « فقال صعصعة بن صوحان : ما أنت وأقصى الأمة في ذلك إلا سواء ، ولكن من ملك استأثر ! فغضب معاوية وقال : لهممتُ ! قال صعصعة : ما كل من هَمَّ فعل ! قال : ومن يَحُولُ بيني وبين ذلك ؟! قال : الذي يحول بين المرء وقلبه ، وخرج » !