ذلك ، بل كانت مواقفه هي الأولى ، وهي الأقوى في إظهار موالاة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) ، ومعاداة أعدائه ، ومنهم الخوارج ، وستأتي شواهد على ذلك في صفحة احتجاجاته.
وللتدليل أذكر موقفاً واحداً يفنّد زعم المؤلف : فقد روى الشيخ الطوسي بسنده عن سعيد بن المسيب قال : « سمعت رجلاً يسأل ابن عباس عن عليّ بن أبي طالب ، فقال له ابن عباس : إن عليّ بن أبي طالب صلّى القبلتين ، وبايع البيعتين ، ولم يعبد صنماً ولا وثناً ، ولم يضرب على رأسه بزلَم ولا بقدح ، ولد على الفطرة ، ولم يشرك بالله طرفة عين أبداً.
فقال الرجل : إني لم أسألك عن هذا ، وانما أسألك عن حمله سيفه على عاتقه يختال به حتى أتى البصرة فقتل بها أربعين ألفاً ، ثمّ صار إلى الشام فلقي حواجب العرب فضرب بعضهم ببعض حتى قتلهم ، ثمّ أتى النهروان وهم مسلمون فقتلهم عن آخرهم.
فقال له ابن عباس : أعليّ أعلم عندك أم أنا؟
فقال : لو كان عليّ أعلم عندي منك لما سألتك.
قال سعيد بن المسيب فغضب ابن عباس حتى اشتد غضبه ثمّ قال :
ثكلتك أمك. عليّ علّمني وكان علمه من رسول الله (صلّى الله عليه وآله وسلّم) ، ورسول الله علّمه الله من فوق عرشه فعلم النبيّ من الله ، وعلم عليّ من النبيّ ، وعلمي من علم عليّ ، وعلم أصحاب محمّد كلّهم في علم عليّ كالقطرة الواحدة في سبعة أبحر » (١).
____________
(١) الأمالي ١ / ١١ مط النعمان في النجف.