المحافل.
أيها الناس إن عليا مني كهارون من موسى إلا أنه لا نبي بعدي فعقل المؤمنون عن الله نطق الرسول إذ عرفوني أني لست بأخيه لأبيه وأمه كما كان هارون أخا موسى لأبيه وأمه ولا كنت نبيا فاقتضى نبوة ولكن كان ذلك منه استخلافا لي كما استخلف موسى هارون عليهالسلام حيث يقول « اخْلُفْنِي فِي قَوْمِي وَأَصْلِحْ وَلا تَتَّبِعْ سَبِيلَ الْمُفْسِدِينَ » (١) وقوله عليهالسلام حين تكلمت طائفة فقالت نحن موالي رسول الله صلىاللهعليهوآله فخرج رسول الله صلىاللهعليهوآله إلى حجة الوداع ثم صار إلى غدير خم فأمر فأصلح له شبه المنبر ثم علاه وأخذ بعضدي حتى رئي بياض إبطيه رافعا صوته قائلا في محفله من كنت مولاه فعلي مولاه اللهم وال من والاه وعاد من عاداه فكانت على ولايتي ولاية الله وعلى عداوتي عداوة الله وأنزل الله عز وجل في ذلك اليوم « الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ وَأَتْمَمْتُ عَلَيْكُمْ نِعْمَتِي وَرَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً » (٢) فكانت ولايتي كمال الدين ورضا الرب جل ذكره وأنزل الله تبارك وتعالى اختصاصا لي وتكرما نحلنيه وإعظاما وتفصيلا من رسول الله صلىاللهعليهوآله منحنيه وهو قوله تعالى : « ثُمَّ رُدُّوا إِلَى اللهِ
______________________________________________________
حذفا وإيصالا أي حشدوا عنده ، أو معه أو له.
قوله عليهالسلام : « وأنغصت بهم المحافل » أي تضيقت بهم قال الفيروزآبادي (٣) : منزل غاص بالقوم : ممتلئ وأغص علينا الأرض ضيقها ، وقال : المحفل كمجلس : المجتمع.
قوله عليهالسلام : « عن الله » الظاهر تعلقه بقوله : « عقل » أي فهموا عن ربهم بتوسط الرسول أو بتوفيق ربهم ، ويحتمل تعلقه بالنطق وهو بعيد ، وعقل عن الله شائع في الأخبار. قوله : « فاقتضى » على صيغة المتكلم أو الغائب أي فاقتضى كلام النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم نبوة.
قوله عليهالسلام : « فأصلح » وفي بعض النسخ [ فاصطلح ] بمعناه ، ولعله تصحيف.
قوله عليهالسلام : « وأنزل الله » إلى آخره يحتمل وجهين :
الأول : أن يكون المراد إنزال الآية السابقة ، فالمراد بقوله عليهالسلام وهو قوله
__________________
(١) سورة الأعراف : ١٤٢.
(٢) سورة المائدة : ٣.
(٣) القاموس المحيط : ج ٢ ص ٣١٠.