طالب يصيب ولا كل غائب يئوب لا ترغب فيمن زهد فيك رب بعيد هو أقرب من قريب سل عن الرفيق قبل الطريق وعن الجار قبل الدار ألا ومن أسرع في المسير أدركه المقيل استر عورة أخيك كما تعلمها فيك اغتفر زلة صديقك ليوم يركبك عدوك من غضب على من لا يقدر على ضره طال حزنه وعذب نفسه من خاف ربه كف ظلمه [ من خاف ربه كفي عذابه ] ومن لم يزغ في كلامه أظهر فخره ومن لم يعرف الخير من الشر فهو بمنزلة البهيمة إن من الفساد إضاعة الزاد ما أصغر المصيبة
______________________________________________________
قوله عليهالسلام : « لا ترغب فيمن زهد فيك » أو لا تطلب صحبة من لا يريد صحبتك ويتنفر عنك من أبناء الدنيا ، ويمكن أن يكون المراد ترك الدنيا ، أن يكون المراد ترك الدنيا فإنها تفر عن كل من رغب إليها.
قوله عليهالسلام : « رب بعيد هو أقرب من قريب » إذ كثير من الأمور التي يعدها الإنسان بعيدا عنه كالموت والمصائب بل بعض النعم أيضا قريب منه وهو لا يعلم حتى يرد عليه ، وكذا رب أمر يظنه قريبا منه ولا يأتيه وإن بذل جهده في تحصيله.
قوله عليهالسلام : « أدركه المقيل » أي النوم والاستراحة في القائلة وهي نصف النهار ، فكذا من أسرع في سفر الآخرة يدرك الراحة بعد انتهاء السفر.
قوله عليهالسلام : « استر عورة أخيك » أي عيوبه « كما تعلمها فيك (١) » وتسترها على نفسك ، وتبغض من يفشيها عليك ، ولعل هتكك سر أخيك يوجب هتك سرك.
قوله عليهالسلام : « من لم يرع » بالمهملة من رعى يرعى أي عدم الرعاية في الكلام يوجب إظهار الفخر ويمكن أن يكون بضم الراء من الروع بمعنى الخوف ، وفي بعض النسخ بالمعجمة يقال : « كلام مرغ » إذا لم يفصح عن المعنى فالمراد أن انتظام الكلام والفصاحة فيه إظهار للفخر والكمال ، فيكون مدحا لازما ، وفي أمالي الصدوق « ره » « من لم يرع في كلامه أظهر هجره (٢) » والهجر : الفحش وكثرة الكلام فيما لا ينبغي ولعله أظهر.
قوله عليهالسلام : « إضاعة الزاد » أي الإسراف فيه وصرفه في غير مصارفه.
__________________
(١) في تحف العقول : « لما يعلمه فيك » منه قدسسره.
(٢) لم نعثر عليه في الأمالي المطبوع.