شيء يغلبني فخلق الماء فأطفأها فذلت ثم إن الماء فخر وزخر وقال أي شيء
______________________________________________________
لم تظهر ، ألا ترى أن الساكن في سفينة لا يحس بحركة كلية السفينة ، وإن كانت على أسرع الوجوه وأقواها (١) انتهى كلامه.
ويمكن أن يجاب عنها أما عن الإشكال الأول : فبأن يختار أنها طالبة بطبعها للمركز ، لكن إذا كانت خفيفة كان الماء يحركها بأمواجه حركة قسرية ويزيلها عن مكانها الطبيعي بسهولة ، فكانت تميد وتضطرب بأهلها وتغوص قطعة منها ، وتخرج قطعة منها ولما إرسالها الله تعالى بالجبال وأثقلها قاومت الماء وأمواجها بثقلها ، فكانت كالأوتاد مثبتة لها.
ومنه يظهر الجواب عن الإشكال الثاني على أن توقف إرساء الأرض بالجبال على سكون الماء في حيز معين ممنوع.
وأما عن الإشكال الثالث فبأن يقال : ليس الامتنان بمجرد عدم ظهور حركة الأرض حتى يقال إنه على تقدير حركتها بكليتها لا يظهر للناس ، بل بخروج البقاع عن الماء وعدم غرقها بحركة الأرض وميدانها بأهلها ، على أن الظاهر أن الحركة التي لا تحس إنما هي إذا كانت في جهة مخصوصة ، وعلى وضع واحد كحركة وضعية مستمرة أو حركة أينية على جهة واحدة كحركة السفينة إذا كانت سائرة من غير اضطراب ، وأما إذا تحركت في جهات مختلفة واضطربت فيحس بها كحركة السفينة عند تلاطم البحر واضطرابه : وهذا هو الفرق بين حالة الزلزلة وبين حركة الأرض في الظهور وعدمه ، فإنا لو فرضنا قطعة منها سائرة غير مضطربة في سيرها لما أحس بها ، كما لا يحس بحركة كلها ، بل باضطراب الحركة وكونها في جهات مختلفة تحس الحركة ، سواء كان محلها كل الأرض أو بعضها.
الوجه الثاني : ما ذكره الفاضل المقدم ذكره في تفسيره ، واختاره حيث قال
__________________
(١) التفسير الكبير : ج ٢٠ ص ٨ ـ ٩. باختلاف يسير.