يا موسى الدنيا نطفة ليست بثواب للمؤمن ولا نقمة من فاجر فالويل الطويل لمن باع ثواب معاده بلعقة لم تبق وبلعسة لم تدم وكذلك فكن كما أمرتك وكل أمري رشاد.
يا موسى إذا رأيت الغنى مقبلا فقل ذنب عجلت لي عقوبته وإذا رأيت الفقر مقبلا فقل مرحبا بشعار الصالحين ولا تكن جبارا ظلوما ولا تكن للظالمين قرينا.
يا موسى ما عمر وإن طال يذم آخره وما ضرك ما زوي عنك إذا حمدت مغبته يا موسى صرخ الكتاب إليك صراخا بما أنت إليه صائر فكيف ترقد على هذا العيون
______________________________________________________
قوله تعالى : « الدنيا نطفة » أي ماء قليل مكدر ، قال في القاموس : النطفة بالضم : الماء الصافي قل أو كثر ، أو قليل ماء يبقى في دلو أو قربة (١) ، أي الدنيا شيء قليل لا يصلح نعمتها لحقارتها أن تكون ثوابا للمؤمن ، ولا بلائها وشدتها لقلتها أن تكون عذابا وانتقاما من فاجر ، و « اللعقة » بالفتح ما تلعقه وتلحسه بإصبعك أو بلسانك مرة واحدة ، و « اللعس » بالفتح العض ، والمراد هنا ما يقطعه بأسنانه من شيء مأكول مرة واحدة.
قوله تعالى : « ما عمر وإن طال » إلخ. في بعض النسخ « وإن طال يدوم آخره » وهو ظاهر ، وفي بعضها « وإن طال ما يذم آخره » أو ليس عمر بذم آخره ، ويكون آخره مذموما محسوبا من العمر ، وعلى هذا كان الأظهر عمرا بالنصب بأن يكون خبر ما ، واسمه ما يذم ، وفي بعض النسخ « يذم » بدون كلمة « ما » فيحتمل أن تكون كلمة « ما » استفهامية أي أي شيء عمر يذم آخره وإن طال ، أو نافيته بتقدير الخير ، أي ليس عمر يذم آخره بعمر ، وعلى الأول يحتمل أن تكون كلمتا « ما » كلتاهما نافيتين ، أي لا يكون عمر لا يذم آخره بالانقطاع والفناء.
قوله تعالى : « وما ضرك ما زوى عنك » أي أخذ منك ونقص من العمر أو الأعم إذا حمدت مغبته أي عاقبته أي كانت عاقبته محمودة.
قوله تعالى : « فكيف ترقد » أي تنام قوله : « ومن دون هذا » أي أقل من هذا
__________________
(١) القاموس المحيط : ج ٣ ص ٢٠٠. « ط مصر ».