مرادهم بحرمة المأكول أنه إذا دخل الطعام فيها حرم ولا يجوز الأكل منه وإن حول منها إلى آنية أخرى أيضا كما يدل عليه عبارة الذكرى فمعناه محصل لكن دليله في غاية الضعف إذ لم يدل عليه شيء من الأخبار المنقولة من طرق الخاصة والعامة قال في الذكرى لا يحرم المأكول والمشروب وإن حرم الاستعمال لعدم تناول النهي المستعمل ويخرج عن المعصية بوضعه في غير الإناء ثم أكله وعن المفيد رحمهالله تحريمه ويلوح من كلام أبي الصلاح ثم ذكر ما مر وإن أرادوا به أن عند الأكل من آنية الفضة تعلقت الحرمة بالمأكول أيضا أي يصدق عليه أنه أكل شيئا محرما كما أنه يصدق أنه أكل أكلا محرما كما يوهمه كلام بعضهم فلا محصل له كما عرفت فإن المأكول المحرم لا معنى له إلا أن أكله محرم.
فإن قيل نجد الفرق بين الحكم المتعلق بالعين والمتعلق بالفعل في كلام القوم لحكمهم بكراهة الأكل متكئا وكراهة مكروهات الذبيحة وكذا الفرق واضح بين الأكل في المكان المغصوب وبين أكل لحم الخنزير قلت جميع تلك الأحكام ترجع إلى فعل المكلف لكن اصطلحوا على أن الحرمة إذا كانت متعلقة بأكل شيء مثلا في جميع الأحوال الاختيارية كلحم الخنزير ينسبون الحرمة إلى المأكول وإن كانت مخصوصة بوضع خاص أو زمان خاص أو مكان مخصوص ينسبون التحريم إلى الفاعل غالبا.
فإن كان غرضهم هذا الفرق فالنزاع قليل الجدوى ولا ثمرة له يعتد بها والظاهر أن مرادهم المعنى الأول لكن كلام أبي الصلاح لا دلالة فيه على شيء من الوجهين حيث قال في الكافي ما يحرم أكله على ضربين أحدهما يتعلق التحريم بعينه الثاني بوقوعه على وجه الضرب الأول البغل والخنزير والكلب إلى قوله الضرب الثاني ميتة ذوات الأنفس السائلة إلى قوله وطعام الكفار وما باشروه ببعض أعضائهم وما شرب عليه الخمر من الطعام والطعام في آنية الذهب والفضة ثم قال فصل فيما يحرم شربه قليل المسكر وكثيره خمر محرم إلى أن قال وما