الشك في الحكم الواقعي ، والدليل العقلي القطعي يلغي موضوع الحجيّة للدليل الظني حقيقة ، أي انّه يلغي الشك في الحكم الواقعي والذي هو موضوع الدليل العقلي الظني ، وهذا هو الورود.
وبتعبير آخر : الدليل العقلي الظني انّما هو حجّة في اثبات الجواز لو كان هناك شك في الحكم الواقعي ، ومع قيام الدليل القطعي لا يكون هناك شك في الحكم الواقعي ، ومن هنا يكون مآل التعارض بين الدليل العقلي القطعي والدليل العقلي الظني هو توهم اتحاد الموضوع في الحكمين ، والواقع ليس كذلك ، فمثلا لو حكم العقل بنحو قطعي بانّ التصرّف في أموال الغير قبيح لأنه ظلم ، وكان مقتضى القياس هو جواز التصرّف ، فإن موضوع الحكم العقلي القطعي هو التصرّف في أموال الغير وأما القياس فهو التصرف في الأموال باعتبار الشك مثلا في مملوكيتها لمالك محترم ، فموضوع كلّ واحد من الحكمين مباين لموضوع الآخر.
الثالثة : ما لو كان التعارض بين دليلين عقليين ظنيين كأن كان أحدهما يقتضي الايجاب والآخر عدمه ، فهنا يكون مآل التعارض الى التعارض بين دليلي حجيتهما ، فلا بدّ من ملاحظتهما لغرض العلاج بحسب ما تقتضيه الضوابط المقررة في باب التعارض ، فقد يكون دليلا الحجيّة لفظيين ، وقد يكونان عقليين قطعيين ، وقد يكونان شرعيين غير لفظيين.
وأما الفرضية الثانية : وهي ما لو كان أحد الدليلين عقليا والآخر لفظيا فله ثلاث حالات أيضا :
الاولى : ان يكون الدليل العقلي قطعيا ويكون الدليل اللفظي ظنيا ، وحينئذ يكون الدليل العقلي القطعي واردا على الدليل اللفظي الظني ، ووروده انما هو على دليل الحجيّة للدليل اللفظي الظني بنفس البيان السابق.