أصالتي البراءة والاشتغال متأخرة عن الحكم الشرعي ، إذ انّ موضوعهما الشك في الحكم الشرعي الواقعي في حين ان اصالتي الإباحة والحظر انما تجريان ـ بناء على هذا القول ـ في ظرف عدم الحكم الشرعي حيث قلنا انّ أصالة الإباحة تعني حكم العقل بإباحة الافعال إلا اذا منع الشارع أي إلا اذا كان هناك منع واقعي عن الفعل معلوم أو مشكوك.
ومن هنا يتضح الفرق بين مجرى الاصلين أصالة البراءة وأصالة الإباحة ، فحينما يكون المكلف قاطعا بعدم المنع الشرعي فالمجرى هو أصالة الاباحة وحينما يكون المكلف شاكا في الحكم الشرعي فالمجرى هو أصالة البراءة.
ثم انه لا يخفى عليكم انّ البناء على أصالة الإباحة لا يلازم البناء على أصالة البراءة العقلية فمن الممكن ان نبني على أصالة الإباحة وفي نفس الوقت نبني على أصالة الاشتغال العقلي وذلك لاختلاف موضوعيهما ، وكذلك البناء على أصالة الحظر لا يلازم البناء على أصالة الاشتغال كما هو واضح.
الثالث : هو انّ موضوع أصالة الاباحة وكذلك الحظر هو الافعال والأشياء بما هي ، أي انّ البحث عمّا هو الحق في حكم الاشياء هل الإباحة أو الحظر بحث عن حكم هذه الاشياء واقعا ، فتكون أصالة الاباحة ـ لو تمت ـ من الادلة الاجتهادية الكاشفة عن حكم الاشياء واقعا ، أي انّ وظيفتها هي الكشف عن الحكم الشرعي الواقعي للاشياء بعناوينها الأوليّة.
وبهذا تفترق عن أصالة البراءة والتي تكون وظيفتها تحديد الحكم الظاهري وهذا يقتضي افتراض الشك في الحكم الواقعي في رتبة متقدمة على جريان البراءة.
ومن هنا قد يقال بعدم وصول