حجة حتى في غير مورديهما وكذلك الكلام في التعريف الثاني بل وحتى الخامس لو كان الالتفات الى المصلحة والعدل مطردا حتى في غير حالات التعارض والتزاحم كما هو مقتضى اطلاق التعريف.
الدليل الثالث : وهو من السنة الشريفة وهو ما رواه أحمد بن حنبل في مسنده عن ابن مسعود انّه قال « انّ الله نظر في قلوب العباد فوجد قلب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خير قلوب العباد فاصطفاه لنفسه فبعثه برسالته ثم نظر في قلوب العباد بعد قلب محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم فوجد أصحابه خير قلوب العباد فجعلهم وزراء نبيّه يقاتلون على دينه فما رآه المسلمون حسنا فهو عند الله حسن وما رأوه سيئا فهو عند الله سيّئ » (١٤).
والإشكال على الاستدلال بهذه الرواية من جهتين :
الجهة الاولى : تتصل بالسند حيث انّ ابن مسعود رحمهالله لم يسند الرواية الى الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم فهي مقطوعة ، وهذا ما يوهن الاستدلال بها على المطلوب إذ لعلها كلاما لابن مسعود نفسه ، نعم بناء على حجية قول الصحابي يمكن الاستدلال بهذا النص إلاّ انّ الاستدلال حينئذ يكون بقول الصحابي لا بالسنّة الشريفة ، وعندئذ يكون الدليل مبنائيا ، فمن لا يرى حجية قول الصحابي لا يصلح هذا الدليل لإلزامه ، وذلك لا يمثل طعنا في الصحابي الجليل ابن مسعود إذ فرق بين عدالة الرجل وبين حجية قوله واجتهاده.
الجهة الثانية : إنّ لفظ المسلمين في قوله « فما رآه المسلمون حسن فهو عند الله حسن » ظاهر في العموم المجموعي أي ما رآه مجموع المسلمين ، وحينئذ تكون الرواية أجنبية عن محلّ البحث ، إذ انّها انّما تثبت حجية الإجماع لا حجية الاستحسان الذي